ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: هو رأسُ "نَوْبة"، كان جميل الصّورة، وصفات الحُسْن فيه مَحْصورة، مُحياه كالبدر السافر في الظلام، أو الشصر إذا هي بَرزَتْ من خَلْف الغَمام.
كتب وقرأ، أضاف أهل العلم وقَرَى، وعمَّر المدرسة المعروفة به بـ"القاهرة"، وجعل نجوم مَحاسنها في الإبْداع زاهرة.
وكان يتأدّى القرآن العظيم على المشايخ، ويحبُّ أن يكون في التجويد ذا قدم راسخ، إلا أن أخلاقه كان فيها شَراسة، ونفسه فيها على احتمال الآذى نفاسه، فأقْدم على عزْل القُضاة، واتَّبع السلطان في ذلك رضاه؛ لأنه كان قد انْفرد بالتدبير، وثَقُلتْ وَطْأتُه على الدولة، حتى خَفَّ عندها ثَبير، وسالمتْه الأيام، وتيقَّظ سعدُه والناس عنه نيام، فكان مع جماله وبَطْشه، يغْلو عند مَنْ يعْتَبِرُه بأرْشه:
كالبدر حُسْنا وقد يُعاوِدُه … عُبوسُ ليثِ العَرِين في عَنَدِهْ (١)
كأنما مُبْرَمُ القضاء به … مِن رُسْلِه والحِمامُ من رَصَدِهْ
ولم يزل عالِيَ. الكَعْب، مالِيَ القلوب بالرُّعْب، حتى أُخِذ أخذة رابية. ولم تكن أنيابُ النُّوَب عنه نائبة، فأمسَكه الناصر حسن في العشرين من شهر رمضان سنة تسمع وخمسين وسبعمائة، وكان ذلك آخر العَهْد به. رحمه الله تعالى.
وكان قد عمَّر تلك المدرسة المشهورة به، وبالغ في عمارتها وزخرفتها.
وكان يتعصَّب لمذهبه، ويُؤثِر الفضلاء ويُقرِّبهم، ويسألُ مسائل في اللغة والفقه، ويُعْظمُ العَجَمَ، ويُؤثِرُهم.
وكان قد انفرد بالحديث في أمر الأوقاف، واهتمَّ بها، وعُمِّرَت في أيامه.