والثانية: في مقالات الصوفية، نحو الشيخ عبد القادر الجيلاني، وحجّة الإسلام الغزالي، وأبي طالب المكّي صاحب "قوت القلوب"، والشيخ شهاب الدين السهروردي، والشيخ زين الدين الخوافي، والشيخ علي بن حسام الدين المتّقي، وغيرهم.
والثالثة في ملفوظات أهل التوحيد، كالشيخ محي الدين بن عربي، والشيخ عين القضاة الهمداني، والشيخ صدر القونوي، وغيرهم.
ومن فوائده: من "مجمع البحرين" في تفسير قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، إلخ. المرض حقيقة فيما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال الخاص، ويوجب الخلل في أفعاله، ومجاز في الأعراض النفسانية التي تخل بكمالها، كالجهل وسوء العقيدة والزيغة وحبّ المعاصي، لأنها مانعة عن نيل الفضائل ومؤدّية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية، والآية تحتملها، فإن قلوبهم كانت متألمة محزنا على ما فات عنهم من الرياسة، وحسدا على ما يرون من إثبات أمر الرسول واستعلاء شأنه يوما فيوما، فزاد الله عنهم بما زاد في إعلاء أمره وإشادة ذكره، ونفوسهم كانت ماؤفة بالكفر، وسوء الاعتقاد، ومعاداة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ونحوها، فزاد الله ذلك بالطبع أو بازدياد التكاليف، وتكرير الوحي، وتضاعيف النصر.
وفي "الرحماني"{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: هو تفريطهم في القوّة الحكمية، وإفراطهم في الشهوية.
وفي "الإحياء": إعلم أن جندىّ الغضب والشهوة قد ينقادان للقلب انقيادا تاما، فيعيناه على طريقه الذي يسلكه، وقد يستعصيان عليه استعصاء بغي وتمرّد، حتى يملكاه ويستعبداه، وفيه هلاكه وانقطاعه عن سفره الذي به وصوله إلى سعادة الأبد، وللقلب جند آخر، وهو العلم والحكمة والتفكّر، وحقّه أن يستعين بهذا الجند، فإنه حزب الله تعالى على الجندين الآخرين، فإنهما قد يلحقان بحزب الشيطان، فإن من ترك الاستعانة وسلط على نفسه