للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شغلهم الشاغل هو التفكير في بناء مستقبلهم على أحسن مستوى، ففي تلك البيئة فتحت عيني.

ولا بدّ من الإشارة إلى قصّة تتعلّق بوالدي رحمه الله تعالى، وهي أن أحد طلاب دار العلوم قد وضع ثيابه المغسولة المبلولة في صحن مسجد دار العلوم لتجفيفها في الشمس، ووقعت عينا الوالد عليها، فدعا الطالب، وزجره، ونهاه عن ذلك، ولكن أخذته رأفته، فتأسّف على زجره للطالب، الذي إنما كان منه احتراما للمسجد، فاستدعى الطالب، واعتذر إليه، وألزمه أن يتناول معه الطعام على مائدته لأسابيع، وكانت عواطف عطفه على الطلاب معروفة في الوسط الطلابي.

وكذلك لا بدّ ههنا من ذكر قصّة أخرى تتعلّق بجدّتي، إنها سافرت ذات مرّة على دعوة من أحد تلاميذ جدّنا الإمام النانوتوي إلى مدينة "أمروهه" بمديريّة "مرادآباد" بولاية "أترابراديش"، ولما نزلت في محطّة المدينة عن القطار، ركبت المحفّة مركبة تحاكي الرحل يحملها أربعة حمّالين أو أكثر على أكتافهم، فكان الشيخ أحمد حسن المحدّث الأمروهوي المتوفى ١٣٣٠ هـ، تلميذ النانوتوي يحمل المحفّة مع الحمّالين، وكان ذلك هو الأدب وأسلوب الاحترام، الذي يلتزم به التلاميذ آنذاك نحو الأساتذة وأهلهم وأولادهم، وقد كنت ابن تلك البيئة، التي كانت تعتبر الاهتمام يحميع شعب الدين، ولا سيّما تعليم الدين وطلابه والعطف عليهم أكبر فريضة.

إن آبائي قد تناولوا طلاب العلوم الشرعية بالتربية على شاكلة أولادهم، حتى قاموا بإنهاء أمور زواج كثير منهم، فهناك كثير من العلماء، الذين قد انعقدت مجالس زواجهم في بيتنا، على كلّ فكان بيتي مورد العلماء والفضلاء، كما عاش عدد من العُلماء في أكناف جدّتي ووالدتي في رغد من العيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>