البخاري، رحمه الله المتوفى ١٣٨١ هـ، وأديب الأردية وخطيبها المصقع، وكاتبها الفريد الشيخ أبو الكلام آزاد وزير التعليم الهندي الأول بعد الاستقلال، المتوفى ١٣٧٧ هـ.
فقد روى بعض من ترجم للشيخ محمد طيّب رحمه الله أنه كان يتحدّث ذات مرّة في حفل كبير في مدينة "جالندهر"، بولاية "بنجاب" الهندية، وكان الصمت يلفّ الشجر والحجر، وكان الحضور كأنَّ على رؤوسهم الطير، فلو سقطت إبرة سمع لها صوت، وكان الشيخ محمد طيّب يتكلّم، وينشر لآلئ المعلومات، ويتلقّفها الحضور في لهفة ورغبة. وكان بينهم الخطيب الإسلامي المعروف الشيخ عطاء الله شاه البخاري، الذي لم يتمالك نفسه في بعض مواقف خطاب الشيخ عند ما تفتقت قريحته، فبلغ أوجه، وبرعت لفتاته، وتفردّت إشاراته، وبدعت أقواله، فنهض الشيخ البخاري من مكانه، وصعد إلى المنصّة، وأبدى إلى الحضور، غاية تقديره وإعجابه، وعواطف إشادته به، وأنشد قصيدة ارتجلها في مدحه، وقرّظ فيها سعة علمه، ومدى فضله، وغاية تبحّره، في علوم الشريعة، وتفرّده في عرض محاسن الإسلام.
أما العلامة أبو الكلام آزاد، فقد تحدّث الشيخ محمد طيّب رحمه الله بنفسه عن رأيه فيه في إحدى كتاباته، فقال: دعا الشيخ أبو الكلام آزاد عام ١٣٦٨ هـ لعقد مؤتمر في مدينة "لكنو" بهدف دراسة القضايا التعليمية، واتفق أن طلب إليّ كذلك إلقاء الحديث فيه، وقد تناوله الشيخ آزاد بالاستحسان البالغ، الذي لا تزال كلماته تدوي في أذني لحد اليوم.
وإذا كان نبوغه في الخطابة:
يرجع إلى أسباب عديدة تفاعلت، كسنّة طبيعية إلهية، وحكمة ربّانية في تكوينه خطيبا إسلاميا، وداعية، فريدا في شبه القارّة الهندية، فإنه يرجع أولا إلى نزعته الذاتية إليها منذ صباه، وصقلتها تربية أساتذته ومشايخه. ولندع