الخلّالُ، أخبرنا الحريري أن النخعيَّ حدّثهم، قال: حدثني جعفر بن محمد بن حازم، حدّثنا الوليد بن حماد، عن الحسن بن زياد، عن زفر بن الهذيل، قال: سمعتُ أبا حنيفة يقول: كنتُ أنظر في الكلام حتى بلغتُ فيه مبلَغُا، يُشارُ إليّ فيه بالأصابع، وكنّا نجلِسُ بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتْني امرأة، فقالت: رجل له امرأة أمة أراد أن يُطلِّقَها للسنّة، كم يُطلِّقُها؟ فلم أدر ما أقول؟ فأمرتُها تسأل حمادا، ثم ترجعُ، فتُخبِرُني، فسألتْ حمادا، فقال: يطلقُها وهي طاهرة من الحيض والجماع تطليقة، ثم يتركها حتى تحيض حيضتين، فإذا اغتسلتْ فقد حلّت للأزواج. فرجعتْ فأخبرتْني، فقلتُ: لا حاجة لي في الكلام، وأخذتُ نعليّ، فجلستُ إلى حماد، فكنتُ أسمع مسائله، فأحفظ قولَه، ثم يُعيِدُها من الغد، فاحفظها، ويُخْطئُ أصحابُه، فقال: لا يجلِسْ في صدر الحلقة بحذائي غيرُ أبي حنيفة". ا هـ.
قلتُ: هذا يدل على جودة حفظ الإمام وإتقانه.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب في "تاريخ بغداد" (١): "أخبرني محمد بن عبد الملك القرشى، أنبأنا أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن الحسين الرازي، حدثنا علي بن أحمد القاري، أخبرنا محمد بن الفضل هو البلخى العابد، أنبأنا أبو مطيع، قال: قال أبو حنيفة: دخلتُ على أبي جعفر أمير المؤمنين، فقال لي: يا أبا حنيفة عمن أخذتَ العلمَ؟ قال: قلتُ: عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطَّاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، قال: فقال أبو جعفر: بَخ بَخ، استوثقتَ ما شئتَ، يا أبا حنيفة، الطيّبين الطاهرين المباكين، صلوات الله عليهم". ا هـ.