للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البَغْدادِيّين والرّازِيِّين. [ووُلد سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة. ومات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة] (١). انتهى.

قلتُ: والذي يَغْلِبُ على الظنّ، وتشْهَد به العادة، من أنَّ الخَلَف يكون على مذهب السَّلَف، أنَّ ولدَه أبا القاسم إسماعيل بن عبّاد المذكور، كان على مذهب أبيه في الفقه، كما كان على مذهبه في الاعتزال، فأحْبَبْتُ أن أذكرَه هنا، وأشرَحَ أحوالَه على سبيل الاختِصار، وأجْعلَ ذلك كالذَّيل لترجمة والدِه، فإن كان حنفيًّا، فنكون قد سلِمْنا من التَّقْصير في إغْفالِه، وإن كان غيرَ ذلك فالولدُ سِرّ أبيه، وهو من جملة مَحاسِنه أو مَساوِيه، فلا نكون خرجْنا بذكرِه عن المقصود، ولا أتَيْنا بأجْنَبِيٍّ ليس بمَعْهود، فنقول:

[إسماعيل بن عباد] هو الإمام العالم العلامة، البليغ المنْشئ، الذي طبَّق الآفاقَ ذكرُه، وملأ الخافِقَين حَمْدُه وشكرُه، وجمَّل كلُ أحدٍ من الأدباء بذكره تاريخَه وديوانه، وجعلوا أخبارَه زينَةَ المجالس، وبَهْجَة المجالِس، وسَلْوَة الحزين، ونُزْهة الطَّرْف.

ذكره الحافظ السُّيوطِيّ في "طبقات النحاة"، ومن خَطِّه نقلتُ، فقال: وُلد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وأخذ الأدب عن ابن فارِس، وابن العَمِيد. وسمع من أبيه وجماعة.

وكان نادرةَ عصرِه، وأعْجوبة دهره، في الفضائل والمكارم. حدَّث وقَعَد للإمْلاء، حضر الناسُ الكثير عنده، بحيث كان له سِتَّة مُسْتَمْلين. وكان في الغِّرَ إذا أراد المضِيِّ إلى المسجد ليقرأ، تُعْطيه والدته دينارا في كلّ يوم ودرهما، وتقول له: تصدّق بهذا على أوّل فقير تَلْقاه. فكان هذا دأبُه في شبابه إلى أن كَبِر، فصار يقول للفَرَّاش كلَّ ليلة: اطْرَح تحت المطَّرَح دينارا ودرهما، لئلا


(١) هذا تاريخ ولادة ووفاة الصاحب إسماعيل ولده، انظر: وفيات الأعيان ١: ٢٣١، أما وفاة عباد فقد كانت سنة أربع أو خمس وثلاثين وثلاثمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>