للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأقسام، وزاد في نَخْوة الأقلام، بل أصِفُه بتَرْك الوصف، فأخبارُه آثارهُ، وعينُه فِرارُه، وحقًّا أقولُ: إنِّي لا أحسب أحدا ما خَلا الملوك جمع من المصاحف ما جمَعْتَ، وابْتَدع في اسْتِكْتابها ما ابْتَدَعَتْ، وإنّ هذا المصحف لَزائدٌ على جميعها، زيادةَ الغُّرَّة على القُرْحَة (١)، بل زيادة الحجِّ على العُمْرة.

لقد أْدَيتَه عِلْقا نَفيسا وما يُهْدِي النَّفيس سِوى النَّفيسِ

قال الثَّعالِبيُّ: ومَحاسنُ فخر الصاحب تسْتَغْرِق الدفاتر، وتسْتَنْزِف في الانتخاب منها الخَواطر، وليس يتَّسع هذا الكتاب لغيضٍ من فيضها، وقَطْرة من سَيْحها.

ثم قال: هذا ما اخَتَرْتُه من مُلَح شعرِه في الغَزَلِ، وما يتعلَّق به، وأوْرَدَ منه شيئا كثيرا، منه قوله (٢):

تسَحَّبْ ما أرَدْتَ على الصِّباح … فهم ليلٌ وأنتَ أخو الصَّباح

لقد أوْلاك ربُّك كلَّ حُسْنٍ … وقد ولّاك مملكةَ الملاح

وبعدُ فليس يحضرنِي شَراب … فأنْعَمُ من رُضابك لي بِراح

وليس لَدَيَّ نَقْلٌ فارْتَهِنِّي … بنَقْلٍ من ثَناياك الوِضاح

وقوله أيضًا (٢):

عليَّ كالغَزال وكالغزالهْ … رأيتُ به هلالا في غُلالَهْ

كأنَّ بياضَ غُرَّتِه رَشادٌ … كأنَّ سوادَ طُرَّتِه ضلالهْ

كأن اللهَ أرْسلَه نَبِيًّا … وصيَّر حُسنَه أقْوى دَلالَهْ

وقوله أيضًا (٢):

وشادِنٍ أصبح فوق الصِّفَهْ … قد ظلم الصَّبَّ وما أنْصَفَهْ


(١) القرحة، بالضم في وجه الفرس: دون الغرة.
(٢) يتيمة الدهر ٣: ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>