للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقدرية" (١): "قال أبو العباس بن عُقْدَة: حدّثنا جعفر بن محمد بن عمرو، حدّثنا سليمان بن عبّاد، سمعتُ بشَّار بن دراع، قال: لقي أبو حنيفة محمد بن النعمان، فقال: عمن رويتَ حديث رد الشمس؟ فقال: عن غير الذي رويتَ عنه: يا ساريةُ الجبلَ …

قلتُ - القائل ابن تيمية -: وهذا يدلّ على أن أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث، فإنه لم يروه إمام من أئمة المسليمن، وهذا أبو حنيفة أحد الأئمة المشاهير، وهو لا يتهم على عليّ، فإنه من أهل "الكوفة" دار الشيعة، وقد لقى من الشميعة، وسمع من فضائل على ما شاء الله، وهو يحبّه، ويتولاه، ومع هذا أنكر هذا الحديث على محمد بن النعمان، وأبو حنيفة أعلم وأفقه من الطحاوي وأمثاله.

ولم يجبْه ابن النعمان بجواب صحيح، بل قال: عن غير من رويتَ عنه حديث: يا ساريةُ الجبلَ. فيقال له: هبْ إن ذلك كذب، فأيّ شيء في كذبه مما يدلّ على صدق هذا؟ فإن كان كذلك، فأبو حنيفة لا ينكر أن يكون لعمر وعلي وغيرهما كرامات، بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه، ومخالفته للشرع والعقل، وأنه لم يروه أحد من العُلماء المعروفين بالحديث من التابعين وتابعيهم، وهم الذين يروون عن الصحابة، بل لم يروه إلا كذّاب أو مجهول، لا يعلم عدله وضبطه، فكيف يقبل هذا من مثل هؤلاء، وسائر العُلماء المسلمين يودّون أن يكون مثل هذا صحيحا لما فيه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وفضيلة عليٍّ، على الذين يحبّونه ويتولّونه، ولكنّهم لا يستجيزون التصديق بالكَذِبِ، فردوه ديانةً. والله أعلم".


(١) ٤: ١٩٤، ١٩٥ الطبعة الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>