للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبي العباس الضَّبِّيِّ، وقد مَرَّ بباب الصَّاحب (١):

أيها البابُ لِمْ عَلاكَ اكْتِئابٌ … أين ذاك الحِجابُ والحُجَّابُ

أينَ مَن كان يفْزَعُ الدَّهْرُ منه … فهو اليومَ في التُّراب تُرابُ

ولبعْضِ بَنِي المنجِّم (٢)، لما اسْتَوْزَر أبو العباس، ولُقِّب بالرَّئيس، وضُمَّ إليه أبو علي ولُقِّب بالجَليل، بعد مَوْتِ الصاحب، تغَمَّده الله تعالى برحمته:

والله والله لا أفْلَحْتُمُ أبدًا … بعدَ الوزير ابنِ عَبَّاد بن عبَّاسِ

إن جاء منكم جليلٌ فاجْلبُوا أجَلِي … أو جاء منكم رئيسٌ فاقْطَعوا رأسِي

ولأبي الحسن العَلَوِيِّ الهَمَذانِيّ، في مَرْئِيَّة الصاحب قولُه (٢):

نومُ العيون على الجُفونِ حرامُ … ودُمُوعهنَّ مع الدِّماء سِجامُ

تبْكِي الأنام سَليلَ عَبَّاد العُلا … والدِّينُ والقُرآن والإسلامُ

تبْكِيه مكةُ والمشاعرُ كلُّها … وحَجيجها والنُّسُكُ والإحرامُ

تبْكيه طَيْبَةُ والرسولُ ومَن بها … وعَقيقُها والسَّهْلُ والأعْلامُ

كافي الكُفاةِ قضَى حَمِيدا نَحْبَهُ … ذاك الإمامُ السَّيِّد الضِّرْغامُ

ماتَ المعالِي والعلومُ بمَوْته … فعلَى المعالِي والعلومِ سَلامُ

وقد آن أن نَحْبِسَ عِنانَ القلم عن الجَريِ في هذا البيان، فإنَّ في ذكر ما أوْرَدناه

من أوْصافه مَقْنَع، وأما بُلوغُ الغاية، وإدراكُ النَّهايةِ من أوصاف الصاحب، فلا سبيلَ إليه، ولا مَطْمَعَ فيه. وقد قصَدْنا أوَّلا أن نذكرَ ترجمته على سبيل الاخْتصار، لتكونَ كالذَّيْلِ لترجمة أبيه، فاستَغْرَقْنا في مَحاسِن أوْصافه، فاطَلْنا وأطْنَبْنا، إلى أن صارت ترجمة أبيه كالذَّيْل لترجمته، فلا يُعْترض علينا، لأن لملِيح لا يُتْرَك، والحَسَنَ لا يُمَلَّ؛ والله تعالى أعلم بالصواب.

* * *


(١) يتيمة الدهر ٣: ٢٨٩، ٢٩٠.
(٢) يتيمة الدهر ٣: ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>