للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا كان مَنْ أجْرَى الكواكبَ أمْرُه … مُعِينِي فما أخشَى صورفَ الكواكب

عليك أيا ربَّ الأنام تَوكُّلِي … فحُطْنِيَ من شَرِّ الخُطوبِ الحَوازِبِ (١)

فكم سنَةٍ حُذِّرْتُها فتزَحْزَحَتْ … بخيرٍ وإقبالٍ وجدٍّ مُصابِ

ومن أضْمَرَ اللهُمَّ سُوءًا لمهْجَتِي … فرُدَّ عليه الكَيْدَ أخْيَبَ خائِبِ

فلستُ أريدُ السُّوءَ بالناس إنّما … أريدُ بهم خيرًا مَريعَ الجَوانِبِ

وأدْفَعُ عن أمْوالِهم ونُفُوسِهم … بِجِدِّي وجُهْدِي باذِلا للمَواهِب

ومَن لم يسَعْهُ ذلك مِنِّي فإنَّنِي … سأكْفاهُ إنّ الله أغْلَبُ غالِبِ

ووجَد (٢) في بعض أيام مرضِه التي مات فيه خِفَّةً، فأذِن للناس، وحَلَّ وعقَد، وأمَر

ونَهَى، وأمْلَى كُتُبا تعجَّب الحاضرون من حُسْنِها، ومن فَرْط بلاغتِها، وقال:

كَلامُنا من غُرَرِ … وعَيْشُنا من غِرَرِ

إنِّي وحَقِّ خالقِي … على جَناحِ السَّفَرِ

ثم لما كانت ليلةُ الجمعة، الرابع والعشرون من صفر، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، انْتقَلَ إلى جوار ربِّه، ومحلِّ عَفْوِه وكَرامتِه، ومضَى من الدنيا يُمضِيِّه رَوْنَقُ حُسْنِها، وتاريخُ فضْلِها، رَضِيَ الله تعالى عنه وأرْضاه، وجعل الجنّة مأواه، بمَنِّه وكرمِه.

وقد رثاه الشُّعراء بقصائد كثيرة، لا يُمْكِنُ حَصْرُها، ولا يُسْتَوْعَبُ ذِكْرُها، فمنها ما قاله أبو سعيد الرُّسْتُمِيُّ، من قصيدة (٣):

أبَعْدَ ابنَ عَبّادٍ يَهَشُّ إلى السُّرَى … أخو أمَلِ أو يُسْتماحُ جَوادُ

أبَى الله إلا أن يموتا بمَوْتِه … فما لهما حتى المعاد معَادُ


(١) في اليتيمة "الحوارب".
(٢) يتيمة الدهر ٣: ٢٨٣.
(٣) يتيمة الدهر ٣: ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>