وقد سرد الإمام الحافظ الذهبي في ترجمة أبي حنيفة رحمه الله تعالى (١)، الأسطورة التي رواها الخطيب البغداي في "تاريخه"، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، في ابتداء طلبه العلم، واختياره الفقه من بين سائر العلوم، وحكم عليها بالوضع والاختلاق، فأفاد وأجاد، قال رحمه الله تعالى:
"أخبرنا ابن علَّان كتابة، أنبأنا الكندي، أنبأنا القزّاز، أنبأنا الخطيب، أنبأنا، الخلال، أنبأنا علي بن عمرو الحريري، حدّثنا علي بن محمد بن كاس النخعى، حدّثنا محمد بن محمود الصيدناني، حدّثنا محمد بن شُجَاع بن الثلجي، حدّثنا الحسن بن أبي مالك، عن أبي يوسف، قال: قال أبو حنيفة: لما أردتُ طلب العلم، جعلتُ أتخير العلوم، وأسأل عن عواقبها. فقيل: تعلم القرآن. فقلتُ: إذا حفظتُه فما يكون آخره؟ قالوا: تجلس في المسجد، فيقرأ عليك الصبيان والأحداث، ثم لا يلبثُ أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو مساويك، متذهب رياستُك.
قلت - القائل الذهبي -: من طلب العلم للرياسة قد يفكر في هذا، وإلا فقد ثبت قول المصطفى صلوات الله عليه "أفضلكم من تعلّم القرآن وعلَّمه"، يا سبحان الله! وهل محل أفضل من المسجد؟ وهل نشر العلم يقارب تعليم القرآن؟ كلا والله، وهل طلبة خير من الصبيان الذين لم يعملوا الذنوب؟ وأحسب هذه الحكاية موضوعة … ففي إسنادها من ليس بثقة.
تتمة الحكاية: "قال: قلتُ: فإن سمعتُ الحديث وكتبتُه حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني؟ قالوا: إذا كبرتَ، وضعفتَ، حدثتَ، واجتمع عليك هؤلاء