للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتَرْكُ الذنوبِ حياة القلوبِ … وخيرٌ لنفسك عِصْيانُها (١)

وكان يتمثَّلُ أيضًا بقول الآخر:

وكيف تُحِبُّ أنْ تُدْعَى حكيمًا … وأنتَ لكلِّ ما تَهْوَى رَكوبُ

وتضحك دائبا ظهرا لبطن … وتذكر ما عملت ولا تتوب

وسُمِع على سور "طَرَسوسَ" يقول هذين البيتين (٢):

ومن البَلاء وللبلاء عَلامةٌ … أن لا يُرَى لك عن هَواك نُزُوعُ

العبدُ عبدُ النَّفْسِ في شَهواتها … والحُرُّ يشْبَعُ مَرَّةً ويجوع

وأنشد الحسن بن إبراهيم البَجَلِيُّ لابن المبارك قولَه:

تَعْصَى الإله وأنتَ تُظْهِرُ حُبَّه … هذا مِحالٌ في الفِعالِ بَديعُ

لو كان حُبُّك صادقا لأطَعْتَه … إن المحِبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ

والذي يغْلِبُ على الظَّنِّ، أنَّ هذين البيتين أخَوَا البيتين اللذين قبلَهما.

ورُوِيَ أنَّ بعضَ أصحابه أراد أن يُسافِر إلى "مكة"، فقال له: أما تُوصِينا، أما تُقوِّينا؟ فقال: له عبد الله:

إذا صاحَبْتَ في الأسْفارِ قوما … فكُن لهُم كذِي الرَّحِمِ الشَّفيق

بِعَيْب النفس ذا بَصَرٍ وعِلْمٍ … غَبِيِّ النفس عن عَيْبِ الرَّفيق

ولا تأخُذْ بِعَثْرة كلِّ يوم … ولكنْ قل هَلُمَّ إلى الطريق

فإن تأخذْ بعَثْرتِهم يَقِلُّوا … وتَبْقَى في الزمان بلا صَديقِ

وقال بعضُهم: سمعتُ عبد الله بن المبارك يُنْشِدُ:

أعْداء غَيْبٍ أُخُوةُ التَّلاقِي … يا سُوءَنا من هذه الأخلاق

كأنَّما اشْتُقَّتْ من النّفاقِ … في إخْوان العَلانِيَة وأعْداء السَّريرة.


(١) في الورقة "يبيع الفتى نفسه في رداه … وأسلم للنفس عصيانها".
(٢) سير أعلام النبلاء ٨: ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>