للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن المسيِّب بن واضح، قال: سمعتُ عبد الله بن المبارك يقول: حَفَروا بـ "خُراسان" حَفيرا، فوجدوا رأس إنسان، فوزنوا سِنَّا من أسْنانِه، فإذا فيه سبعةُ أساتِير (١).

وفي رواية أخرَى، عن محمد بن أعْيَن، حمل أبو جَميل سِنِّيْن من خارج حِصْنِ "مَرْوَ" إلى عبد الله بن المبارك، فوضَعهما عبد الله بين يديه، ودعا بالميزان، فوزَنهما أو وزَن أحدَهما، فإذا فيه مَنَوان وزيادةٌ في كلِّ سِنٍّ، فوضعَه عبد الله، وقال فيه شعرا (٢):

أتِيتُ بسِنَّيْن قد رَمَّتا … من الحِصْن لما أثاروا الدَّفينا

على وَزْنِ مَنَّيْن إحداهما … يُقِلُّ به الكفُّ شيئا رَزِينا (٣)

ثلاثين أخرَى على قَدْرِها … تباركْتَ يا أحسنَ الخالقِينا (٤)

فماذا يقوم لأفْواهِها … وما كان يَمْلأُ تلك البُطونا

إذا ما تذكَّرتُ أجْسامَهم … تقاصَرْتُ بالنفسِ حتى تَهونا (٥)

وكلُّ على ذاك لاقَى الرَّدَى … فبادوا جميعا فهم خامِدونا

ومن شعر عبد الله أيضًا قوله:

أيا ربِّ يا ذا العَرْشِ أنتَ رحيمُ … وأنتَ بما تُخْفِي الصّدورُ عليمُ

فيا ربِّ هبْ لي منك حِلْما فإنَّنِي … أرَى الحِلْمَ لم ينْدَمْ عليه حليمُ

ويا ربِّ هَبْ لي منك عَزْما على التُّقَى … أُقيمُ به في الناس حيث أُقيمُ

ألا إنَّ تَقْوَى الله أكْرَمُ نِسْبَةٍ … يُسامِي بها عند الفخارِ كريمُ

إذا أنتَ نافَسْتَ الرجالَ على التُّقَى … خرجْتَ من الدنيا وأنت سليمُ


(١) الإستار: أربعة مثاقيل ونصف.
(٢) سير أعلام النبلاء ٨: ٣٦٨.
(٣) في السير "على وزن منوين"، والمن رطلان كالمنا. القاموس م ن ن.
(٤) في السير "ثلاثون سنا".
(٥) في السير "تصاغرت بالنفس حتى تهونا".

<<  <  ج: ص:  >  >>