للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

داود، وحاجبه يُمْن، وقد شهر سيفَه، وهو يُنادِي: مَعاشِرَ العامّة، ادْعوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش ليَتْبَعوهم إلى "سامَرَّا"، ليُثْبِتوا أمرهم، فلم يتْبَعْهم أحدٌ، فنزل ابنُ المعْتَزِّ عن دابَّته، دخل دار ابن الجَصَّاص الجَوْهَريّ، واخْتَفَى الوزير ابنُ داود، والقاضي [الحسنُ بن المُثَنَّى] (١)، ونُهِبَتْ دُورُهما، ووقَع النَّهْبُ والقتلُ في "بغداد".

وقَبَض المقْتِدرُ على الأمراء والقُضاة الذين خَلَعوه، وسلَّمهم إلى مُؤنِس الخازن، فقتلهم، واسْتقام الأمرُ، فاستوْزَرَ ابنَ الفرات، ثم بعَثَ جماعةً، فكَبَسوا دار ابن الجَصَّاص، وأخذوا ابن المعْتَزِّ وابن الجَصَّاص، وحُبِسَ ابنُ المعْتَزِّ، ثم أخْرِجَ بعدُ ميِّتا، وكان أمر الله قدَرًا مَقْدورا، ولا خاذِلَ لمن نصرَه، ولا ناصِر لمن خَذَله.

وحدَّث المعافَى بن زكريا الجَرِيريّ، قال (٢): لما خُلِع المقْتدرُ، وبُويع ابنُ المعْتَزِّ دخلوا على شيخنا محمد بن جرير، فقال: ما الخبر؟ فقيل: بُويع ابنُ المعْتَزِّ. قال: فمن رُشِّح للوزارة؟ فقيل: محمد بن داود. قال فمَن ذُكر للقضاء؟ فقيل: الحسن بن المثَنَّى. فأطْرَقَ. ثم قال: هذا أمْرٌ لا يَتِمُّ. قيل: وكيف؟ قال: كلُّ واحدٍ ممَّن سمَّيْتُم متقدّم في معناه على الرُّتْبَة، والدنيا مُوَلِّيَةٌ والزمانُ مُدْبِرٌ، وما أرَى هذا إلا إلى اضْمِحْلال، وما أرَى لِمُدَّته طُولا. فكان كما قال:

ورَوى أنَّ عبد الله ابن المعُتَزِّ أنْشَدَ لنفسه، في الليلة التي قُتِلَ في صَبيحتِها (٣):

يا نفسُ صَبْرًا لعلَّ الخيرَ عُقْباكِ … خانَتْكَ من بعدِ طولِ الأمْنِ دُنْياكِ


(١) في بعض النسخ "أبو المثنى"، والمثبت في المصادر، وانظر ما يأتي.
(٢) معاهد التنصيص ٢: ٤٢، ٤٣.
(٣) تاريخ بغداد ١٠: ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>