وإنِّي لآبي الدَّمْعِ فيك تطَيُّرا … علْيك وتأْبَى العَيْنُ إلاه جاريا
وأسْخَطُ لاسْتِمْرارِ هَجْرِكَ ساعةً … وتَغْلِبُ أشْواقِي فأرْجعُ راضيا
هَنِيئًا إن اسْتَحْلَلْتَ قَتْلِي فلا تُطِلْ … عَذابي ومَوْهوبٌ لعَيْنَيْكَ ثارِيا
وقوله أيضًا:
أَرَى كلَّ محْبوبٍ يُلاقِي مُحِبَّه … وما نَتَلاقَى والليالي تَصَرَّمُ
وقد علِمَت أنِّي مَشوقٌ وأنَّنِي … بها كَلِفٌ لكنَّه ليس تَرْحَمُ
وقوله أيضًا:
يا صاح أذَّنَ بالصَّباح بَشيرُ … والكاسُ تطْلُعُ تارةً وتَغُور
والرَّوْضُ مُبْتَسِمُ الثُّغُور نَسِيمُه … يسْتافُ منه المِسْكُ والكافورُ
والعُودُ يخْطُرُ في حَشاهُ أنامِلٌ … لم يَطْوِ سِرًّا دونَهُنَّ ضَمِيرُ
فاشْرَبْ على طَرَبِ النَّديم ولا تُطِلْ … حَبْسَ المدامَة فالزمانُ قصيرُ
ومن قوله ما كتب به لبعض الرُّؤَساء، وقد افْتَصَدَ:
جعل الله ذو المواهب عُقْبا … كَ من الفَصْدِ صِحَّةً وسَلامَهْ
قُلْ ليُمْناك كيف شِئْتِ اسْتَهِلِّي … لا عَدِمْتِ النَّدَى فأنْتِ غَمامَهْ
ومنه قوله أيضًا:
أخِلَّايَ ما صاحَبْتُ في العَيْشِ لَذَّة … ولا زال عن قلبي حَنِينُ التَّذَكُّرِ
ولا طاب لي طَعْمُ الرُّقادِ ولا اجْتَلَى … لخاطِرٍ مُذْ فارَقْتُكم حسنُ مَنْظَرِ
ولا عبَثتْ كَفِّي بكل مُدامَةٍ … يطوف بها ساقٍ ولا جَسِّ مِزْهَرِ
وقال الصَّفَدِيّ: وكان يقول: في السّماء نهر من خمر، ونهر من لبن، ونهر من عسل، لا يُنَقِّطُ منه شيءٌ، ويُنَقِّطُ هذا الذي يخْرِبُ البيوتَ، ويهْدِمُ السُّقوفَ! قال: وكانتْ بينه وبين ابن الشِّبْلِ مُنافَسةٌ ومُباعَدةٌ شائعة ظاهرة، فأنْشَدَه يومًا أبو الحسن ابن الدَّهَّانِ لابنِ الشِّبْلِ:
وما أسْجَدَ اللهُ الملائكَ كُلَّهم … لآدمَ إلا أنَّ في نَسْلِه مِثْلِي
ولو أنَّ إبْلِيسا درَى خَرَّ ساجِدًا … لآدمَ من قبْل الملائك من أجْلِي