ولكنَّ أنْسَى الله عنه تَكَوُّنِي … إلى أن زَهَتْ أنْوارُ فَضْلِي على النَّسْلِ
فيا رَبّ إبراهيم لم أُوتَ فَضْلَه … ولا فَضْلَ موسى والنَّبِيّ على الرُّسْلِ
فلِمْ لي وَحْدِى ألْفُ فِرْعَوْنَ في الوَرى … ولي ألْفُ نَمْرُودٍ وألْفٌ أبي جهْلِ
فلما سمِعها ابنُ ناقِيا: أشْهَدُ بين يَدَي الله تبارك وتعالى، أنه ما أخْرَجَ آدَمَ من الجنة، إلا أنَّه كان في ظَهْرِه. ثم قال: امْضِ إليه، فأنْشِدْه أبياتا منها:
إذا ما افْتَخَرْتَ فلا تَجْهَلَنْ … أباك وشَلَّاقَهُ والعَصا
ولو كان آدمُ ذا خِبْرَةٍ … بأنَّك مِن نَسْلِه لاخْتَصَى
وقيل له: ألم تكُنْ قرأتَ على ابن الشِّبْلِ؟ قال: بَلَى، وإلا من أينَ اكْتَسَبْتُ هذه البَلادة. فبلغ ذلك ابنَ الشِّبْلِ، فقال:
فقُلْ ما شِئْتَ إنَّ الحِلْمَ دأبِي … وشأْنِي الخيْرُ إن واصَلْتَ شَرَّا
فأنْتَ أقَلَّ أن تُلْقَى بِذَمٍّ … مُجاهَرَةً وأنْ تُغْتابَ سِرَّا
وبلغَ ابنَ الشِّبْلِ عنه كلام قبيح، فقال، وأْبلَغَ:
وسِتَّةٍ فيك لم يُجْمَعنَ في بشرٍ … كِذِبٌ وكِبْرٌ وبُخْلٌ أنتَ جامعُه
مع اللَّجاج وشَرِّ الحِقْدِ والحَسَدِ
وسِتَّةٍ فيَّ لم يُخْلَقْنَ في مَلَكٍ … حِلْمِي وعِلْمِي وإفْضالي وتَجْرِيبي
وحُسنُ خُلْقِي وبَسْطِي بالنَّوالِ يَدِيَ
ومن شِعْرِه الذي أورده له العماد الكاتب، في "الخريدة" قوله:
أتُرَى حال ذلك الحبُّ بُغْضا … وذَوَى غُصْنُه وقد كان غضَّا
أتُرَى كان ذلك الوصلُ زورا … فانْتَهَى بي إلى الصُّدُود وأفْضَى
قُلْ لمن ضَيَّعَ الوِدادَ وأغْرَى … بالتَّجَنِّي ورام للعهْدِ نَقْضا
قد جَعَلْنا الوِدادَ حَتْمًا علينا … ورأيْنا الوفاءَ بالعَهْدِ فَرْضا
وقوله أيضًا:
أما تَرَى السُّحْبَ أبْدَتْ … غَلائِلَ الأرْضَ خَضْرَا
قد أظْهَرَ الله فينا … زُهْرَ الكواكبِ زَهْرا
مثل اليَواقِيتِ راقَتْ … زُرْقًا وحُمْرًا وصُفْرَا