للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الروم"، ومرّ ببلاد "هراة"، وصحب مع المولى عبد الرحمن الجامي، وغير ذلك من مشايخ "خراسان".

ثم أتى وطنه، وسكن به، واشتهر حاله في الآفاق، واجتمع عليه العلماء والطلاب، ووصلوا إلى مآربهم، وبلغ صيته إلى مدينة "قسطنطينية"، وطلبه علماؤها وأكابرها، فلم يلتفت إليهم إلى أن مات السلطان محمد خان، وظهرت الفتن في وطنه، فأتى مدينة "قسطنطينية"، وسكن هناك بجامع زيرك، واجتمع عليه الأكابر والأعيان، فتشوش الطلاب بمزاحمة الأكابر، ومال الشيخ إلى الارتحال منها، فبينما هو على ذلك إذ استدعاه الأمير أحمد بك الأورنوسي، وكان من محبيه بأن يشرف مقامه بولاية "روم إيلي" المسمّى بوارطار يكيجه سي، فقبل كلامه، وارتحل إليه، واجتمع عليه الطلاب، وانتفعوا به.

ومات هناك سنة ستّ وتسعين وثمانمائة، ودفن بذلك الموضع، وهناك جامع ومزار يزار، ويتبرك به، وكان قدّس سرّه العزيز في مجالسه الشريفة على الحضور التام، وكان إذا غلب على واحد من أهل المجلس فترة أو غلب عليه خاطرة، يلتفت إلى جانبه للدفع، ويتكلّم بما يدفعها. وكان متواضعا، صاحب خلق عظيم، بحيث لو دخل عليه أحد صغير أو كبير أو فقير أو غني، يقوم له من مجلسه، وذكر عنده انقطاع الشيخ ابن الوفاء عن الناس وخروجه إليهم مؤقّتا وعدم التفاته إلى الأصاغر والأكابر، فقال: اختار جانب الحضور على حسن الخلق.

ومن جملة مناقبه الشريفة: ما حكي عن الشيخ مصلح الدين الطويل، وكان هو من جملة أحبائه أنه قال: كنت مع سائر الطالبين عند حضور الشيخ بجامع زيرك، وعنده الشيخ عابد جلبي من أبناء جلال الدين الرومي، وكان قاضيا، ثم تركه، وصار ممن يلازم خدمة الشيخ، فأسره الشيخ بكلام إليه، فنظر هو إلى جانب وتبسم، قال: فتعجّبت من هذا الحال، فسألت

<<  <  ج: ص:  >  >>