والفاء، وسكون الهاء، بعدها نون، قرية من أسفل الأرض من قرب "دمياط"، ومات أبوه، وكان طحّانا، وهو صغير، فقدم مع أمّه "القاهرة"، وكان أخوه بها، فنزل بعنايته في مكتب الأيتام بـ "صرغتمشية"، ثم ترقى إلى عرافتهم، وأقرأ بعض بني أتراك تلك الخطة، ونزل في طلبتها، وحفظ "القدوري" وغيره، ولازم الاشتغال، ودار على الشيوخ، ومن شيوخه: خير الدين العينتابي إمام الشيخونية والبدر محمود الكلستاني، فمهر في الفقه وأصوله والتفسير وأصول الدين والعربية والمعاني والمنطق وغيرها، وتصدّى للتدريس والإفتاء سنين، وناب في الحكم عن الأمين الطرابلسي، ثم عن الكمال ابن العديم، وصار من أفاضل طلبة الشيخونية حين كان الكمال شيخها، ولم يلبث أن ولي بعنايته مشيخة الصرغتمشية بعد أن تنازع فيها هو، والشرف التباني، وكان يذكر أنه بحث مع الجلال التباني، والد الشرف هذا في درس الفقه بها، فغضب منه، فخرج منكسر الخاطر منه، فدعا الله أن يولّيه التدريس بها، فحصل له ذلك، بل وأخرج ابنه لذلك، ثم لما استقرّ الشمس ابن الديري في مشيخة المؤيدية استقرّ هذا عوضه، فباشرها مباشرة حسنة إلى أن صرف بالعيني سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وقرّر في مشيخة الشيخونية بعد السراج قارئ الهداية، ثم أعيد في سنة ثلاث وثلاثين، وصرف عن الشيخونية بالصدر بن العجمي، واستمرّ قاضيا إلى أن مات في شوال سنة خمس وثلاثين وثمانمائة، ويقال: إن أمّ ولده دسّت عليه سما، قال شيخنا: كان حسن العشرة، كثير العصبية لأصحابه، عارفا بأمور الدنيا، وقد انتهت إليه رياسة أهل مذهبه. قلت: وجلالته مستفيضة، وقد أخذ عنه الجمّ الغفير من شيوخنا، فمن دونهم كابن الهمام، وتلميذه سيف الدين، كلّهم يذكرون من أوصافه، وأما العيني فإنه قال: ما فيه تحامل. انتهى ملخّصا.