فمن المعلوم من أحواله الأخيرة أن الشيخ محمد زكريا لم يسمح له بالارتحال إلى "باكستان"، فعمل به الشيخ المترجم له، هو وإن بايع الشيخ محمد زكريا، لكن حصلت له الإجازة في المبايعة بالإحسان والتزكية من الشيخ افتخار الحسن الكاندهلوي، والشيخ أبى الحسن علي الندوي، كما ذكر أعلاه أنه ولي التدريس عام ١٣٧٦ هـ، فمنذ آنذاك إلى آخر حياته ظل ينتسب إليها، يقوم بخدمتها بالنهوض بأعباء المناصب الجليلة المختلفة، فبينما هاجر الشيخ محمد زكريا إلى "المدينة المنورة"، وعانت مظاهر العلوم أزمة عنيفة، وصراعات شديدة، وبعد أن استعرضها مجلس الشوري للجامعة عزل الشيخ المفتي مظفّر حسين عن منصب إدارتها، وولي الشيخ عبد العزيز هذا المنصب، فكأنه شهادة ناطقة بغاية الثقة والاعتماد على شخصيته من قبل طائفة من نخبة العلماء بطول "الهند"، وعرضها المسماة بمجلس الشوري.
كانت هذه الأيام ذا ابتلاءات ومشكلات عصيبة لمظاهر العلوم، حيث ظلّ يواجهها صاحب الترجمة ببالغ الثبات والاستقامة والمثابرة، ويجمتع بأعيان المدينة والزعماء والحكّام السياسيين في سبيل مهمّة المدرسة، فكان العوام والخواص والحكّام يتأثرون بوجاهته ومهابته الربانية وطول قامته وجادة محادثته عن هذه المهمّة.
ثم طالب أشراف بلدة "رائبور" بعد سنة القائمين على أمور مظاهر العلوم يلحّون على أن يمنحوا المفتي عبد العزيز الذى قد كان تولى منصب إدارة مظاهر العلوم بصفة موقتة الإجازة الكاملة مع الإكرام والتحية، ليمكن له أن يتولى بالرعاية التامة كلا من المدارس والكتاتيب، لا سيّما مدرسة فيض هدايت رحيمي، التي يبلغ عددها أربعين، وهي التي قد أسّسها بمجهودات مضنية بذلها في ولاية "هريانه". و"بنجاب" و"مسروالا"، و"هماجل براديش"، وما إلى ذلك، يتعلّم فيها آلاف من طلاب العلوم الدينية، غير أنهم لم يقبلوا هذا الطلب معتذرين إليهم.