وقرأ الطبّ القديم على مؤلّف هذا الكتاب، وسافر في هذه السنة إلى "دهلي"، ومكث عند طبيب الهند المشهور وزعيمها حاذق الملك الحكيم أجمل خان، ومكث عنده ستة أشهر، يرافقه، ويستفيد منه، ثم التحق بكلّية الطبّ الحكومية في "لكنو" سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف، واستقام على طريقته وشارته، محافظا على الشعائر الدينية والآداب الإسلامية، متقشّفا في اللباس والوضع، جادّا في البحث والدراسة، حتى نال إعجاب أساتذته وثقتهم، وتقدير زملائه واحترامهم، وتوفي والده مؤلّف هذا الكتاب سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وألف، وأكمل المترجم دراسته في كلّية الطبّ، وأخذ الشهادة من جامعة لكنو سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وألف، ثم بدأ حياته المستقلّة كطبيب ليكفل أسرته، وكان زاهدا في الوظائف الحكومية.
وانتخب عضوا في لجنة ندوة العلماء التنفيذية سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة وألف، وانتخب نائب المدير سنة ستّ وأربعين وثلاثمائة وألف، مديرا أو الأمين العام سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف، وقد قطعت ندوة العلماء ودار العلوم التابعة لها أشواطا بعيدة زمن إدارته وإشرافه، وجلب لها بعض الأساتذة الكبار، وفاقت في تحسين طريقة تعليم اللغة العربية وإصلاح مناهج الدرس، وحجّ وزار سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف على جناح شوق وحبّ، وطابت له الأيام في الحرمين الشريفين، وظلّ مشتغلا ثلاثين سنة بإدارة ندوة العلماء وخدمة الناس عن طريق المداواة والبرّ والمؤاساة، مهتمّا بأمور المسلمين، مساهما في تأييد القضايا الإسلامية، والمشاريع الإصلاحية، بقدر الإمكان، مشتغلا بذات نفسه، معتزلا في بيته، قليل الحديث إلا فيما ينفعه، وينفع الناس، زاهدا في الجاه والشهرة والظهور.
وكان رحمه الله مثالا نادرا للجمع بين محاسن القديم والجديد، وفضائل الدين والدنيا، رسوخ في العقيدة، واستقامة في الدين، وتضلّع في العلوم القديمة والحديثة، وسعة آفاق الفكر، وتصلّب في المبادئ والغايات، وتوسّع في