قال الشيخ ولي الله في "الأغصان الأربعة": إن الناس قالوا للشيخ كمال الدين: إن هذا الطفل يباحثك غاية البحث، ويكلّمك غير مبال للأدب، وأنتم لا تؤدّبونه، ولا تسخطون عليه، فأجابهم بأن له وجوها:
الأول: أن والده نظام الدين كان أستاذي، ومن الله استنادي، فلست أن أكافئ ما أحسن إليّ والده، فكيف أن أحسن إليه؟
والثاني: أن هذا الفتى حصل في حداثة سنّه بمقاساة التعب ومكابدة المحن ما لم يكن حاصلا لأبيه في تلك السنّ.
والثالث: أن ما تيسّر له في هذه السنّ من سعة النظر على تحقيقات القدماء ومصنّفات المتأخّرين لا يتيسّر للعلماء في مدّة أعمارهم، فإنه وإن كان صغير السنّ ولكنّه يساوي في البحث والعلم العلامة صدر الدين الشيرازي، والمحقّق جلال الدين الدوّاني.
قال الشيخ ولي الله المذكور: إنه أحرز قصبات السبق عن كبار العلماء، وسبق في حلبة الرهان على أكابر الأساتذة، لأنه كان مواظبا على مطالعة أسفار القدماء، التى هي مأخذ المتأخّرين من العلماء وعمدتهم، ليلا ونهارا، وأما غيره من العلماء فمناط معلوماتهم ما كان مسموعا عن أساتذتهم، ومأخوذا من أقوال المتأخّرين، وأين هذا من ذلك؟ انتهى.
وقد درس العلامة عبد العلي بمدينة "لكنو" زمانا، ثم سنحت له في بلدته سانحة عظيمة، فاضطرّ إلى الخروج من بلدة "لكنو"، وقصّتها على ما ذكرها ولده عبد الأعلى في "رسالة قطبية": إن نور الحسن الشيعي البلكرامي وفد إلى "لكنو"، ومرض، فسكن بدار الشيخ محبّ الله بن عبد الحق اللكنوي في "فرنكي محل"، وكان رهين الفراش، لا يستطيع أن يذهب إلى إحدى الحسينيات لزيارة الضرائح المتّخذة من القضبان والثياب على دأبهم في شهر المحرّم، فطلب الضريح في دار الشيخ محبّ الله المذكور، حيث كان مقيما