للتبرّك به، وكانت مدرسة الشيخ العلي في أثناء الطريق، فجاءوا بالضريح إلى المدرسة المذكورة، فظنّ الشيخ العلامة أنهم ضلّوا الطريق، وكان مشتغلا بتلاوة القرآن في تلك الساعة، فأومأ بيده إلى أصحابه، أن يصرفوهم عن هذا الطريق، فمنعوهم، ثم كسروها، ظنّا منهم أن العلامة أمرهم أن يمحقوا هذه البدعة، فارتفع الصخب والضوضاء، وهجم الناس عليه، وأمر القاضي غلام مصطفى الشيعي اللكنوى أن يقتلوه، ودافعهم العلامة بأصحابه وتلامذته، فلمّا رأوا أنهم لا يقدرون على قتاله صالحوه، ثم أرادوا به كيدا ليقتلوه عيلة، فاستشار العلامة بني أعمامه في هذا الأمر، فقالوا: نحن لا نستطيع أن نمنعك، وندافع عنك، وأشاروا عليه بأن يخرج من "لكنو" ويذهب إلى بلدة أخرى، وأشار عليه أصحابه وأصحاب والده المرحوم أن يثبت في مدرسة أبيه، ولا يهجر وطنه.
فلمّا رأى العلامة أن بني أعمامه لا يرضون قيامَه في "لكنو" خرج من هذه البلدة الظالم أهلها، وذهب إلى "شاهجهانبور"، فلم يرجع إلى "لكنو" بعد ذلك، ولم يدخلها قطّ، ولما دخل "شاهجهانبور" استقبله نواب حافظ الملك أمير تلك الناحية، وجعل له ولأصحابه الأرزاق السنية، فأقام بقلعة "شاهجهانبور" عند نواب عبد الله خان، وعكف على التدريس والتصنيف بجمع الهمّة وفراغ الخاطر، وانتفع جمع كثير من العلماء، فأقام بـ "شاهجهانبور" عشرين سنة.
ثم لما استشهد حافظ الملك المذكور، واستولى شجاع الدولة أمير بلاد "أوده"(١) على ملكه ذهب إلى "رامبور"، فاغتنم قدومه نواب فيض الله خان
(١) "أوده": يحدّها من الشرق صوبة "بهار"، ومن الغرب "قنّوج"، ومن الشمال سلسلة الجبال، ومن الجنوب متصرفية "مانكبور"، طولها مائة وثلاثون ميلا، وعرضها خمسة عشر ومائة ميل، وأنهارها "كهاكهره"، و"سرجو"، =