للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النسائي على مُطلق القول جماعة من المحدثين، واستوعب الخطيب في ترجمته من "تاريخه" أقاويلهم، وفيها ما يُقبل وما يُردُّ، وقد اعتُذِرَ عن الإمام بأنه كان يرى أنه لا يحدث إلا بما حفظه منذ سمعه إلى أن أداه، فلهذا قلّت الروايةُ عنه، وصارتْ روايتُه قليلة بالنسبة لذلك، وإلا فهو في نفس الأمر كثير الرواية.

وفي الجملة: ترك الخوض في مثل هذا أولى، فإن الإمام وأمثاله ممن قفزوا القنطرة، فما صار يؤثر في أحد منهم قول أحد، بل هم في الدرجة التي رفعهم


= فأعل الحديث بعاصم شيخ أبي حنيفة، ولو كان أبو حنيفة كما قاله النسائي في "الضعفاء والمتروكين" لأعل الحديث أولا بأبي حنيفة، ولكنه لم يفعل، بل اكتفى بإعلاله بعاصم، فالظاهر أنه رجع عما قاله في حق الإمام أبى في كتاب "الضعفاء".
وكم يقع مثل هذا الرجوع من النقاد إذ يتجلى لهم غير ما حكموا به من قبل.
ثم إن النسائي ظن أن عاصم شيخ أبي حنيفة هو عاصم بن عمر المدني، وهو ضعيف، والواقع أنه عاصم بن بَهْدلة أبي النَّجود كما جاء مصرحا به في "كتاب الآثار للإمام أبي حنيفة" رواية الإمام محمد عنه ص ٣١١ (باب درأ الحدود)، كذا القال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" ١٠: ٤١٥، وتصحف في المطبوع من "التهذيب" (أبي النجود) إلي (أبي ذر) فليصحح، ولم يذكر المزي في "تهذيب الكمال" عاصم بن عمر من شيوخ أبي حنيفة، بل ذكر عاصم بن بَهْدَلة أبي النجود، كتب أمامه (س) إشارة إلى أن حديث أبي حنيفة عنه في كتاب النسائي، وليس لأبي حنيفة في كتاب النسائي إلا هذا الحديث، فظهر أن المزي أيضا لم يتابع النسائي في قوله إن عاصما راوي هذا الحديث هو عاصم بن عمر.
وعاصم بن بَهْدلة هو المقريء المعروف، حديثه في الكتب الستة، وقد قال فيه النسائي: لا بأس به، ووثقه طائفة، وإن تكلم بعضهم في حفظه، فالحديث جيد إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>