للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكان يجلس في مجلس سمر كبارهم لحسن قراءته وخفّة ظلّه (لصغر سنّه) ورفعة مقام جدّه ووالده في الحيّ.

وبعد ما ترك المدرسة توجّه إلى تعلّم الخطّ الحسن، فدخل مدرسة الشيخ محمد علي الخطيب. "بحلب"، وكان شيخا، صاحب مدرسة خاصة، تعلّم القرآن، والفقه، وحسن الخطّ فقط، فتحسّن خطّه بعض الشيء، لكنه لم يصبر على الاستمرار في تعلّم تحسين الخطّ طويلا، فترك المدرسة بعد أشهر.

فرأى جدّه ووالده وكان قد صلُب عودُه أن يتعلّم حرفة أو صنعة، وقال له: صنعة أو حرفة في اليد أمان من الفقر، لم يكن في ذلك الوقت فقيرا، ليسر أسرته، ولله الحمد، لكن جدّه ووالده أراد أن يكون بيده حرفة خشية تحوّل الأيام، وتقلّبها على الكرام، فتعلّم حرفة الحياكة النول اليدوي، ولم يكن هناك نول آلي، وأحسن المعرفة بهذه الحرفة، قد تعلّمها أخواه: عبد الكريم، وعبد الغني من قبله رحم الله الجميع، وكانت هذه الحرفة تُدِرّ موردا حسنا، يفرح به، فتعلّمها رحمه الله، وادّخر بعض الليرات الذهبية العثمانية، فكانت له خاصّة ونفقته وعيشه متكفّل به أبوه تمام التكفّل، رحمه الله الجميع، وبقي في هذه الحرفة عاملا ناجحا، لنحو سنتين أو ثلاث.

ثم بدا لجدّه ووالده أن يتعلّم التجارة، فاختارا له أن يتعلّم التجارة والبيع والشراء عند صديقيهما التاجر (عبد السلام قدو) التاجر في سوق الطيبة، قرب باب الجامع الكبير الشمالي، فجلس عنده، وكان تاجرا يبيع القمصان والملابس المصنوعة بالجملة والمفرّق، وأمضى عنده نحو سنتين وزيادة عليها، وكان رجلا ديّنا، مستقيما، عفيفا، يشتري من عنده النساء والرجال، فاستملح وجود والدي عنده لصغر سنّه، فكان والدي رحمه الله يراقب حال بعض المشترين أو المشتريات، الذين يخشى أن تكون منهم أو منهنّ سرقة لما يستعرضنه للشراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>