صدر في الأحكام، وسماحة، لا تساهلا في الفتوى، والتطبيق، لكنة يكرة تتبّع الرخص والأخذ بشواذّ الأقوال.
قلت: كان الوالد رحمه الله يكره تتبّع الرخص والأخذ بشواذ الأقوال، كما ذكر الشيخ محمد عوامة حفظه الله، كما أنه لم يكن حرفيا متعصّبا للمذهب الحنفي، بل كان يكره ذلك جدّا، ويعيبه، وله في ذلك مواقف عديدة في خروجه عن المذهب الحنفي، منها: ما كان بيني وبينه، ومنها ما حصل أمامي، وقد أخرج رحمه الله في ذلك رسالتين، و"رسالة الألفة بين المسلمين" لابن تيمية، و"رسالة الإمامة" لابن حزم في موضوع الاختلافات الفقهية.
وقد سئل رحمه الله في "الأثنينية" السؤال التالي: إن هناك دائما خلافات بين العلماء على مسائل فقهية، وكلّ واحد منهم ينتمي إلى مذهب من المذاهب الأربعة، ولا يريد أن يحيد عن فتوى مذهبه إلى درجة التشبّث به، مما جعل الأمور الفقهية والفتاوى فيها أكثر تعقيدا، فما رأى فضيلتكم في ذلك؟
فأجاب: أولا التشبّث بالمذاهب الفقهية، والتعلّق بها، هذا واجب على كلّ من لم يكن من أهل الاجتهاد والمعرفة التامة بحكم الشريعة وفروعها وأصولها، فهذا ما أوجه الله عزّ وجلّ، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
أما التشبّث والتيبّس في أمر المذهب الواحد فهذا ليس واجب في الشرع، فيسوغ لي أن أتعلّم هذه المسئلة، أو أعمل في هذه المسألة بالمذهب الحنبلي، وإذا وجدت مسألة أخرى أعمل بالمذهب الشافعي، وإذا وجدت في هذه المسئلة شدّة أو صعوبة في المذهب الحنبلي أن أنتقل وأعمل بها في المذهب الحنفي، كلّ هذا معناه أخذها بهدي الله عزّ وجلّ، وبهدي نبيّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وما كان هناك افتراق بين هؤلاء الأئمة، فكلّ واحد من هؤلاء الأئمة