٤ - الإفادات النادرة واللفتات اللطيفة: فربما تجده علّق على كلمة ما بسطر، لكن هذا السطر كلّفه ثلاث ليال، بل أسبوعا من البحث والتمحيص، كما أن هذا السطر جاء ثمرة مطالعة، واطلاع سنين طوال، وحصيلة تنقيب مستمرّ دائم، كما يتجلّى ذلك أيضا في إيراده بعض النقول من غير مظانّها، ومن مصادر لا يتوقّع أنها فيها، ثم إن له ذوقا رفيعا، وفهما ثاقبا في انتقاء النصوص، وطريقة إيرادها، ومواضع تعليقها، فليس هو من هواة تكبير الكتب، ونفخ الحواشي، وملء الفراغات.
٥ - الجمع قطرة قطرة: وهذا يتجلّى واضحا فيما يؤلّفه، فمثلا كتاب "صفحات من صبر العلماء"، جمعه في أكثر من عشرين سنة، كلّما وجد شيئا يناسب الموضوع كتبه في قصاصة وجمَعه، حتى غدا كتابا جميلا ممتعا للقارئ والمستمع، وكذا كتاب "قيمة الزمن عند العلماء"، وهكذا سائر مؤلّفاته ومحقّقاته.
٦ - اهتمامه بالفهارس وإتقانه لها: وشرطه في ذلك أن تزيد صفحات الكتاب علي مائة صفحة، فإن تحقّق ذلك جعل للكتاب فهارس عامة، تربو على خمسة فهارس، وقد تزيد، وذلك ليكون الراجع إليه، والباحث عن طلبته فيه سريع الوصول إلى مبتغاه منه بأيسر الطرق وأقصر الوقت، مع أن في ذلك جهدا كبيرا، ومشقة عسيرة، شكى منهما الوالد رحمه الله في مقدمة فهارس كتاب "الانتقاء"، ومع كون الفهرسة غدت ضربا من التأليف المستقل، قل من يخلص فيه، ويتقنه.
٧ - الإخراج الفنّي الجميل في الطباعة والغلاف: ففي كلّ ذلك له ذوق، وبصمة مميزة، وساعده في ذلك إخوة أكارم لماحون ذوّاقون، كان يطبع عندهم كتبه، ويعدّ الوالد رحمه الله مثالا فريدا، ومدرسة مستقلّة في فنّ الطباعة والفهرسة، وانظر في ذلك كتابه "تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة".