للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عبد البر في (باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض) من "جامع بيان العلم" (١) أيضا، ما نصه:

"هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس، وضلَّتْ به نابتة جاهلة، لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحتْ عدالتُه، وثبتتْ في العلم أمانتُه، وبات ثقته، وعنايته بالعلم، لم يُلتَفَتْ فيه إلى قول أحد، إلا أن يأتي في جَرْحته ببينة عادلة، تصح بها جرحتُه على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك كما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر.

وأما من لم تثبت إمامتُه، ولا صحتْ لعدم الحفظ والإتقان روايتُه، فإنه يُنظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويُجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدِّي النظر إليه.

والدليل على أنه لا يُقْبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد من الطاعنين: أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير في حال الغصب، ومنه ما حمل عليه الحسد، كما قال ابن عباس، ومالك بن دينار، وأبو حازم (٢)، ومنه على جهة التأويل مما لا


(١) ٢: ١٥٢ - ١٦٣.
(٢) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "استمعوا علم العلماء، ولا تُصدقوا بعضهم على بعض، فوالذي نفسي بيده لهم أشدّ تغايرا من التُّيُّوس في زُرُوها". وقال مالك بن دينار: "يؤخذ بقول العلماء والقرَّاء في كل شئ إلا قول بعضهم في بعض، فلهم أشدّ تحاسدا من التيوس". وقال أبو حازم: "العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالمُ مَنْ هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة، وإذا لقي من هو مثله ذاكره، وإذا لقى من هو دونه لم يزه عليه، حتى كان هذا الزمان، فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>