وعلمهِ لا يَقدح فيه كلامُ أولئك، وقد ذكر جماعة من السلف أنه كان محسودا، حكى أبو عمر - ابن عبد البر - في "الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء" عن حاتم بن داود، قال: قلتُ للفضل بن موسى السِّيناني: ما تقول في هؤلاء الذين يقعون في أبي حنيفة؟ فقال: إن أبا حنيفة جاءهم بما يعقلونه من العلم وما لا يعقلونه، ولم يترك لهم شيئا، فحسدوه". انتهى.
رد ابن الوزير اليماني على من حاول التشكيك في علم أبي حنيفة بالحديث والعربية
وقال الإمام الحافظ العلامة النظَّار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الوزير اليماني المتوفى سنة ٨٤٠ هـ رحمه الله تعالى، في "الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم" (١) صلى الله عليه وسلم، ردًّا على السيّد جمال الدين علي بن محمد بن أبي القاسم، حيث حاول التشكيك في علم أبي حنيفة بالحديث والعربية، قال ما نصه:
"لا يخلوا إما أن يُنكر - هذا المعترض - صدور الفتوى عنه رضى الله عنه، وينكر نقل السلف والخلف مذاهبه في الفقه، أو يقرّ بذلك، إن أنكره أنكر الضرورة، ولم تكن لمناظرته صورة، وإن لم ينكره فهو يدلّ على اجتهاده، ولنا في الاستدلال به على ذلك مسالك:
المسلك الأول: أنه ثبت بالتواتر فضله، وعدالته، وتقواه، وأمانته، فلو أفتى بغير علم، وتأهّل لذلك، وليس له بأهل، لكان جرحا في عدالته، وقدحا