في ديانته وأمانته، ووصما في عقله ومروءته، لأن تعاطي الإنسان ما لا يحسنه ودعواه لمعرفة ما لا يعرفه من عادت السفهاء، ومن لا حياء له ولا مروءة من أهل الخساسة والدَّناءة، ووجوه مناقبه مصونة عن ابتذالها وتسويدها بهذه الوَصْمة القبيحة، والمذَمَّة الشنيعة.
المسلك الثاني: أن رواية العلماء لمذاهبه، وتدوينها في كتب الهداية، وخزائن الإسلام يدل على أنهم قد عرفوا اجتهاده، لأنه لا يحلُّ لهم رواية مذهبٍ إلا بعد المعرفة لعلمه، لأن إيهام ذلك من غير معرفة محرم، لما يترتب عليه من الأحكام الشرعية المجمع عليها كانخرام إجماع أهل عصره بخلافه، والمختلف فيها كانخرام إجماع من بعده بخلافه، وجواز تقليده بعد موته.
المسلك الثالث: أن نقول: الإجماع منعقد على اجتهاده، فإن خالف في ذلك مخالف، فقد انعقد الإجماع بعد موته، وإنما قلنا بذلك لأن أقواله متداولة بين العلماء الأعلام، سائرة في مملكة الإسلام في الشرق والغرب، و"اليمن" و"الشام" من عصر التابعين من سنة خمسين ومائة إلى يوم الناس هذا، وهو أوَّل المائة التاسعة بعد الهجرة، لا يُنْكَرُ على من يرويها، ولا من يعتمد عليها، والمسلمون بين عامل عليها، وساكتٍ عن الإنكار على من يعمل عليها، وهذه الطريقة هي التي تثبت بمثلها دعوى الإجماع في أكثر المواضع.
المسلك الرابع: أنه قد نَصَّ كثير من الأئمة والعلماء على أن أحد الطرق الدالة على اجتهاد العالم هي انتصابه للفتيا، ورجوع العامة إليه، من غير نكير من العلماء والفضلاء، وموضع نصوص العلماء على ذلك في علم الأصول، وهناك يُذكر الدليل على أن ذلك كاف في معرفة اجتهاد العالم