ثم لما فرغ القاضي عن البحث والاشتغال أخذ الطريقة عن الشيخ المذكور، وقضى أيامه في الدرس والإفادة.
أخذ عنه القاضي شهاب الدين الدولت آبادي (١)، وحفيده أبو الفتح بن عبد الحي بن عبد المقتدر الكندي، وخلق آخرون.
ومن شعره قوله في مدح النبي، صلى الله عليه وسلم:
يا سائق الظعن في الأسحار والأصل … سلّم على دار سلمى وأبك ثم سل.
عن الظباء التي من دابها أبدا … صيد الأسود بحسن الدل والنجل.
وعن ملوك كرام قد مضوا قددا … حتى يجيبك عنهم شاهد الطلل.
أضحت إذا بعدت عنها كواعبها … أطلالها مثل أجفان بلا مقل.
فدى فؤادى أعرابية سكنت … بيتا من القلب معمورا بلا حول.
بخيلة بوصال المستهام بها … والجود في الخود مثل البخل في الرجل.
كأنها ظبية لكن بينهما … فرقا جليا بعظم الساق والكفل.
خيالها عند من يهوي زيارتها … أحلى من الأمن عند الخائف الوجل.
كيف السبيل إليها بعد أن حفظت … بالبيض والسمر في أعلى ذرى الجبل.
(١) دولت آباد: كانت مدينة ضخمة، عظيمة الشأن، موازية لحضرة "دهلي" في رفعة قدرها، واتساع خطتها، وكانت منقسمة على ثلاثة أقسام، أحدها: "دولت آباد"، وبها سكنى للسلاطين الخلجية والتغلقية وعسكرهم. والثاني: "الكتكة" بفتح الكافين، والتاء المعلوة بينهما، والقسم الثالث: القلعة التى لا نظير لها في الحصانة، وتسمى "ديوكير" بكسر الدال المهملة وسكون الياء والواو مدين، كسر الكاف الفارسية، وسكون التحتية، والراء المهملة، وتلك القلعة على جبل، ارتفاعه خمسمائة قدم، منها خمسون ومائة قدم عمودية تقريبا، ويدخل إليها من مدخل ضيق منحوت في الصخر، وهى من أبنية الهنادك، فتحها علاء الدين الخلجي، صلحا سنة ٧٠٢ هـ، ثم فتحها قطب الدين بن علاء الدين المذكور عنوة سنة ٧١٨ هـ، ولم يبق من تلك الأقسام اليوم إلا القلعة.