فانظر كيف تأدَّب أبو عبد الله الذهبي، وذكر جلالة الأئمة المتبوعين في الإسلام، ونصَّ على أن ذكرَهم في كتب الجرح والتعديل لا يضرّ عند الله ولا عند الناس، وهكذا فليكن ذكرُ العالم لمن هو أعلم منه بأدب وتواضع وتعظيم وتوقير، جعلنا الله ممن عرف قَدْرَ الأئمة وعصمنا عن مخالفة إجماع الأئمة.
وبهذه الجملة تَمَّ كشف عُوار هاتين الشُّبهتين الضعيفتين، في علم إمام من أكبر أئمة أهل الإسلام، الذي أجمع على إمامته العلماء الأعلام. وقد أحببتُ التقرُّب إلى الله تعالى والتشرُّفَ بخدمة مناقبه العزيزة، والذبِّ عن معارفه الغزيرة، بذكر هذه الأحرف الحقيرة اليسيرة، ولم أقصد التعريفَ بمجهول من فضائله، ولا الرفعَ لمخفوض من مناقبه، فهو من ذلك أرفع مكانا وأجلّ شأنا.
والشمس في صادع أنوارها … غَنِيَّةٌ عن وصف الواصف".
انتهى كلام ابن الوزير بطوله. وفيه وفي ما تقدَّم من نصوص الأئمة المتقدمين، والحفَّاظ الجهابذة المتأخرين من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وغيرهم، في تقريظ الإمام أبي حنيفة، والثناء على سعة علمه بالكتاب والسُّنة، والرد على جارحيه والإنكار عليهم بالحُجج الواضحة والأدلة النَّيِّرة: إبطال لطعن الشَّانئين المتحاملين على الإمام رضى الله تعالى عنه، في هذا الزمن المتأخر!
وفي كل ذلك أيضا ما يزيل الغِشاوَة عن عُيونهم الرَّمداء، ونفوسهم المريضة، إذا هُدُوا ووفقوا، وفي كل ما تقدم أيضا ما تقرّ به أعين طلبة العلم
= الصحيحة، وابن الوزير يشكو في "العواصم والقواصم": قلةَ كتب المحدثين عنده.