ولا أفضلَهم، وقد كان معاذ أفقهَهم، وزيد أفرضَهم، وعلي أقضاهم، وأبي أقرأَهم، والخلفاء أفضلَهم، وبعد فالمناقب مواهب يهب الله منها ما يشاء لمن شاء.
وقد أشارَ الذهبي إلى الاعتذار عن ذكر الإمام أبي حنيفة وأمثاله، وإلى أنه لا قَدْح عليه بما ذكر فيه من الاختلاف، فقال في خطبة "الميزان": "وكذا لا أذكر من الأئمة المتبوعين في الفروع أحدا لجلالتهم في الإسلام، وعظمتهم في النفوس، فإن ذكرت أحدا منهم فأذكره على الإنصاف، وما يضرّه ذلك عند الله، ولا عند الناس، إذ إنما يضرّ الإنسان الكذب والإصرار على كثرة الخطأ، والتجرِّي على تدليس الباطل، فإنه خيانة وجنايةٌ، فالمرء المسلم يُطبَع على كل شئ إلا الخيانة والكذب. انتهى كلامه (١).
(١) ترجمة الإمام أبي حنيفة في بعض نسخ "الميزان" مقحمة من قلم غير المؤلف الذهبي كما بينته في "الإمام ابن ماجه وكتابه السنن"، وكما أوضحه بدلائله وشواهده الشيخ العلامة البارع المحدث عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى في تعليقه على "الرفع والتكميل" ص ١٢١ - ١٢٦ من الطبعة الثالثة، وتلك الترجة المقحمة المدسوسة غير منصفة يقينا، والذهبي اشترط على نفسه الإنصاف في ذكر الأئمة المتبوعين، وإذا وازنَ القارئ تلك الترجمة بما ترجمه به الذهبي نفسه في "تذكرة الحفاظ" و "سير أعلام النبلاء" و "تهذيب التهذيب"، لرأى بينهما بُعدَ المشرقين، وقد سبق في ص ٨٧، نص ترجمة أبي حنيفة بتمامه من "تذهيب التهذيب"، كما نقلنا سابقا نصوص الذهبي من "سير أعلام النبلاء" في تقريظه البالغ لأبي حنيفة رضي الله عنه، فمن قرأ تلك النصوص ونصَّ ترجمة "التذهيب" لازداد يقينا بدسِّ الترجمة الموجودة في بعض نسخ "الميزان"، وعذر ابن الوزير في هذا الاعتذار عن الذهبي. ولم يكن إليه أي حاجة. عدم وقوفه على نسخ "الميزان" =