ما إِنْ ذكَرْتُكِ في قومٍ أُحَدِّثُهم … إلا وَجَدْتُ فُتُورًا بين أحْشائي
ولا هَمَمْتُ بشُرْبِ الماء مِن عَطَشٍ … إلا وَجَدْتُ خَيالا منكِ في الماء
ومن شعره أيضًا قوله:
حَسْبِي سُمُوًّا في الهَوَى أنْ تَعْلَمَا … أنْ ليس حَقُّ مَوَدَّتِي أن أظْلَمَا
ثم امْضِ في ظُلْمِى على علمٍ به … لا مُقْصِرًا عنه ولا مُتَلَوِّمَا
فوَحَقِّ ما أخَذَ الهَوى من مُقْلَتِي .. وأذابَ من جسْمِي عليكَ وأسْقَمَا
لَجَفاكَ مِن علمٍ بما ألْقَى به … أحْظَى إليَّ من الرِّضَى مُتَجَهِّمَا
وكانتْ وفاة أبي الحسن، رحمه اللَّه تعالى، لعشرٍ خَلَوْنَ من شعبان، سنة أربعين وثلاثمائة، وصلَّى عليه القاضي أبو تمَّام الحسنُ بن محمد الهاشِمِيُّ الزَّيْنَبِيّ، وكان من أصحابه، ودُفِن بحِذاءِ مسجده في "دَرْب أبي زيد" على نهر الواسِطِيِّين، قيل: وكان مَوْلِدُه سنة ستِّين ومائتين.
ونسبه الخطيبُ إلى أنَّه كان رأْسًا في الاعتزال، واللَّه سُبْحانَه وتعالى أعلمُ بحقيقة حالِه، وحالُ الخطيب في تَعَصُّبِه معلوم، -عَفا اللَّه تعالى عنه-.
قلت: كانت له طبقة عالية عدّوه (١) من المجتهدين في المسائل، وله "المختصر"، و"شرح الجامع الصغير"، و"شرح الجامع الكبير"، وكان مولده سنة ستين ومائتين، ومات سنة أربعين وثلاثمائة، ليلة النصف من شعبان، وممن تفقّه عليه: أبو بكر الرازي أحمد الجصّاص، وأبو علي أحمد بن محمد الشاشي الفقيه، وأبو حامد الطبري، وأبو القاسم على التنوخي، وغيرهم.
قال الإمام اللكنوي رحمه اللَّه تعالى: ذكر السمعاني أن الكرخي نسبة إلى "كرخ"، قرية بنواحي "العراق"، منها أبو الحسن عبيد اللَّه ين الحسين بن
(١) ذكره ابن كمال باشا وغيره، وكذا عدّ الخصّاف والطحاوي من هذه الطبقة، وتوزّع في ذلك بأن ما خالف هولاء الأجلّة الإمام أبا حنيفة من المسائل كثيرة، ولهم اختيارات في الأصول تخالف أصول صاحب المذهب في كتب الأصول شهيرة، فكيف يصحّ جعلهم من هذه الطبقة، وأولى الوجوه عدّهم من أصحاب الوجوه.