قد سبق أن ذكرنا متانته في الفقه والإفتاء، وكانت فتاواه تمتاز بكونها بأعذب بيان وأوفى تبيان في أسهل عبارة، لا تخلّ ولا تملّ، كان رحمه اللَّه تعالى مرجعا في الفتاوى للخواصّ والعوامّ معا، وكانت قلوب العلماء تطمئنّ بفتاواه في المسائل المشكلة، التي صعب عليهم حلُّ عقدتِها، وقد طبع بعض فتاواه تلميذه البار المفتي محمد شفيع الديوبندي رحمه اللَّه تعالى باسم "عزيز الفتاوى" في مجلّد واحد ضخيم.
ولكن كان بعض هذه المجموعة غير مرتّبة، وكانت الحاجة ماسّة إلى ترتيبها كلّها، فرتّبها جماعة من علماء جامعة ديوبند الإسلامية، منهم: الشيخ المفتي ظفير الدين، حفظهم اللَّه تعالى، فطبعت تلك المجموعة التي كانت محفوظة في الدفاتر، مع زوائد كثيرة في اثنى عشر مجلّدا، وهو جزء قليل من فتاواه، التي أصدرها في مدّة مديدة، والأسف أن فتاواه التي أصدرها في مدّة عشرين سنة في بداية الأمر، لم تحفظ في الدفاتر، وذلك من ١٣١٠ هـ إلى ٢١ ذي القعدة ١٣٢٩ هـ، ثم من ١٣٣٠ هـ اهتمّوا بتسجيل الفتاوى في الدفاتر، وحينما أرادوا أن يطبعوا فتاواه المنشورة في دفاتر دار الإفتاء، فوجدوا فيها عناوين المستفتين قد بلغ عددُها سبعا وثلاثين ألفا، ومن المعلوم أن أكثر دأب المستفتين أنهم يسألون عدّة أسئلة في كتاب واحد، فلو حوسب أن كلّ مستفت قدّم إليه ثلاث أسئلة، ثم أجاب عنها يزيد عددُها مائة ألف فتوى.
تلمّذ عليه جماعة من العلماء، منهم: المفتي محمد شفيع الديوبندي المفتي الأكبر لدولة "باكستان"، ومؤسّس جامعة دار العلوم بـ "كراتشي"(١)،
(١) تعتبر هذه المدرسة من أكبر المدارس في "باكستان" لتدريس العلوم الدينية بمختلف أصولها وفروعها، ومركزا مرموقا لنشر رسالة الإسلام السامية، والذود عن بيضة الدين الحنيف. أسّسها سماحة الشيخ المفتى محمد شفيع الديوبندي في ١٣٧١ هـ، وكان المؤسّس يعتبر المفتي الأكبر لـ "باكستان"، رفع اللَّه درجته في =