ووفد إلى "الهند" مرّتين في أيام محمود شاه الصغير الكجراتي، وكان من مريديه.
قال الآصفي في "تاريخه": إنه وفد عليه من "مكّة المشرّفة" زائرا، فلم يدع له حاجة في نفسه إلا وقضاها، ثم في موسمه عاد الشيخ إلى "مكّة" مؤسرا، فعمر بالقرب من رباطه بسوق الليل بيتا لسكناه له حوش واسع، يشتمل على خلاوي لأتباعه والمنقطعين إليه من أهل "السند"، وكان يعيل كثيرا، ويعين على الوقت من سأله، وكان في وقف السلطان المتجهّز في كلّ سنة مدّة حياته مبلغ كلي يقوم بمن يعول، وظهر الشيخ بـ "مكّة" غاية الظهور، نما خبره إلى السلطان سليمان بن سليم بن بايزيد بن محمد الرومي، فكتب إليه يلتمس الدعاء منه له، وكان يواصله مدّة حياته.
ثم دخل الشيخ "الهند" ثانيا، واجتمع بمحمود شاه، وبعد أيام قال الشيخ له: هل تعلم ما جئت له؟ فقال: وما يدريني! فقال: سنح لي أن أزن أحكامك بميزان الشريعة، فلا يكون إلا ما يوافقها، فشكر السلطان سعيه، وأجابه بالقبول، وأمر الوزراء بمراجعته في سائر الأمور، ونظر الشيخ في الأعمال والسوانح أياما، واجتهد في الأحكام، فأمضى ما طابقتْ شرعا، ووقف فيما لم يطابق، فاختلّ كثير من الأعمال القانونية، وتعطّلت بالسياسة، وانقطعت الرسوم، واحتاج الوزراء إلى ما في الخزانة للمصرف، والشيخ قد التزم سيرة الشيخين، رضى الله عنهما في وقت ليس كوقتهما، ورعية ليست كرعيتهما، ولم يمض القليل، حتى خرج عن وصية الشيخ مريده، الذي استخلفه عن نفسه في تحقيق الأمور العارضة، وكان يراه أزهد منه في الدنيا وأعفّ نفسا، وأكمل ورعا، فنفض الشيخ يده مما التزمه، وقام، ولم يعد إلى مجلسه.
قال الآصفي: وبيانه أنه لما تمسّك بميزان الشريعة كره أن يجالسه عمّال الدنيا، وتخلط نفسه بأنفاسهم في المراجعة، وكان لديه من يعتمد