للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعض أصحابه فيما كتبه في ترجمة آزاد، وجعله ديباجة للديوان الرابع: إنه حسَّان "الهند" ومدَّاح النبي صلى الله عليه وسلم، أوجد في مدحه معاني كثيرة نادرة، لم يتفق مثلها لأحد من الشعراء المفلقين، وأبدع في قصائده المدحية مخالص، لم يبلغ مداها فرد من الفصحاء المتشدّقين، وله في التغزّل طور خاص يعرفه أصحاب الفن، ومنحه الله قدرة على النظم، بحيث ينظم قصيدة كاملة في يوم واحد، بل في بعضه على كيفية يراها الناظرون، وكل ما يتوجّه إلى النظم تحضر المعاني لديه صفا صفا، وتتمثل بين يديه فوجا فوجا، وهو قرر نصاب القصيدة في التغزّل أحدا وعشرين بيتا، وهي الدرجة الوسطى التي تريح الأسماع، ولا تمل الطباع، وإنما يميل خاطره إلى النظم في أيام الربيع، وأما في غير هذه الأيام فيصدر الشعر من قريحته قليلا، لأن الربيع فيه تخضر المراتع، وتهتزّ الطبائع، انتهى.

ومن شعره قوله:

أدرك عليلا لقاء منك يكفيه … وطرفك الناعس الممراض يشفيه

كتمت دائي عن العذال مجتهدا … ما كنت أدري نحول الجسم يشفيه

فداوني عن سقام أنت منشأه … ونجني من ضرام أنت موريه

لقد ثنى عطفه من مغرم دنف … مهفهف ثقل الأرداف يثنيه

رعى الإله سقامي لو يعالج من … أحببته بدواء الخمر من فيه

وحبذا العيش لو يمشي على مقلي … غصن رطيب من العينين أسقيه

شأن المحب عجيب في صبابته … الهجر يقتله والوصل يحييه

لولاه ما شاقه عرف الصبا سحر … ولم يكن بارق الظلماء يشجيه

يا جارة هيجت بالنصح لوعته … بحق مقلته العبراء خليه

إليك يا رشأ الوعساء معذرة … أأنت عن رشأ البطحاء تسليه

لوائمي قطعت أكبادهن متى … رأينه في كمال الحسن والتيه

أيا صواحب أكباد مقطعة … فذلكن الذي لمتنَّني فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>