توفاه الله سبحانه، ولم يباشر شيئا مما يتعلق بالدنيا قبيل موته، نحو خمس سنين، بل تجرد للاشتغال بالطاعة والمواظبة على الجمع والجماعة، وتلاوة القرآن، ومطالعة الكتب، والتصنيف والتدريس.
وترك ولدين، أكبرهما عبد الحي، وهو جامع هذا الكتاب، ومحمد صابر، وهما من بطنين مختلفين. أما هذا العبد فإنه ولد لثمان عشرة خلون من رمضان سنة ست وثمانين ومائتين وألف من بطن عزيز النساء بنت السيّد العلامة سراج الدين الحسيني الواسطي، وأما محمد صابر فإنه ولد من بنت حكيمة بنت السيّد عبد القادر بن عبد الباقي بن محمد جامع بن محمد واضح الحسني البريلوي، ومات في صغر سنّه سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف ببلدة "لكنو"، وقد أجاز لي والدى رحمه الله تعالى بجميع مقروءاته ومسموعاته ومروياته، كما أجازه جدّه السيّد محمد طاهر، وعمّه السيّد خواجه أحمد المذكوران، ووهب لي جميع كتبه.
وأما مصنّفاته فهي كثيرة ممتعة، أحسنها:"مهر جهانتاب" بالفارسي في ثلاثة مجلدات كبار، كتاب عجيب، لا يكاد يوجد مثله في كثرة الفوائد [وهو كموسوعة علمية ودائرة معارف في العلوم والفنون والتراجم والسير] المجلد الأول منها مرتب على ثلاث دفاتر [الدفتر الأول في مسائل العلوم والفنون المتعارفة وغير المتعارفة، كما فعل السيوطي في "النقاية" و "شرحها"، والدفتر الثاني في سير الأنبياء وأئمة أهل الحديث والصحابة والتابعين والمحدثين والعلماء والحكماء وشيوخ الطريقة، والدفتر الثالث في تراجم شعراء العربية والفارسية والأردية والهندية، وقد تم المجلد الأول في ألف وثلاثمائة صفحة بالقطع الكبير، وأما المجلد الثاني فقد أراد المؤلف أن يذكر فيه جغرافية العالم وتاريخه، وقد انتهى من جزء كبير من جغرافية قارة "آسيا"، ولما وصل إلى نصف الكتاب شعر بأن اللغة الفارسية قد أشرفت على الزوال والانقراض في "الهند"، فجمدت قريحته، وانصرف عن الكتابة