ثم رجع إلي بلدته، ولازم السيّد خواجه أحمد بن محمد ياسين النصير آبادي، وكان ابن خالة أبيه، وزوج عمته، وكان نسبه يتصل بجدوده في السيّد إسحاق بن أحمد بن محمود النصير آبادي، فأخذ عنه الطريقة، وأجازه الشيخ بجميع مروياته ومسموعاته ومقرؤاته، كما أجازه الشيخ سخاوت علي العمري الجونبوري، والشيخ يعقوب بن محمد أفضل الدهلوي، سبط الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي، والسيد محمد بن أعلى شاه النصير آبادي، ومشايخه الآخرون.
ثم سافر للاسترزاق إلى "أوديبور"، و "حيدر آباد"، و "بوبال"، و "طوك"، وغيرها، وأقام بـ "حيدر آباد" ثمان سنين، وكذلك في "بوبال"، ثم اعتزل في بلدته في آخر عمره.
وكان محمود السيرة والسريرة، متعففا، قانعا باليسر، طارحا للتكلف، متجمّعا عن الناس، مشتغلا بخاصة نفسه، صابرا على نوائب الزمن وحوادث الدهر، مع كثرة ما يطرقه من ذلك، محافظا على أمور دينية، متواضعا على الطاعة، غير متصنع في كلامه، ولا في ملبسه، لا يبالي بأيّ ثوب برز للناس، ولا بأيّ هيئة لقيهم، وكان سليم الصدر، لا يعتريه غل ولا حقد، ولا سخط ولا حسد، ولا يذكر أحدا بسوء، كائنا من كان، محسنا إلى أهله، قائما بما يحتاجون إليه، متعبا نفسه في ذلك.
ولقد كان تغشّاه الله برحمته ورضوانه، فكان من عجائب الزمان، ومن عرفه حق المعرفة تيقن أنه من أولياء الله سبحانه، ولقد بلغ بي إلى حد من البر والشفقة والإعانة على طلب العلم والقيام بما احتاج إليه، بحيث لم يكن لي شغل بغير الطلب، فجزاه الله خيرا، وكفاه بالحسنى.
وكان زاهدا في الدنيا، راغبا إلى الآخرة، ليس له نهمة في جمع ولا كسب، بل غاية مقصوده منها ما يقوم بكفاية من يعوله، ولم يزل مستمرا على حاله الجميل، معرضا عن القال والقيل، ماشيا على أهدى سبيل، حتى