وأنت يأ أبا سليمان من الناس، ثم غشي عليه وعلى الشيخ، وجعل زافر ينظر إليهما، ثم خرج الفضيل، وقمنا، والشيخ مغشي عليه.
قال سهل بن راهويه: قلت لابن عيينة: ألا ترى إلى الفضيل، لا تكاد تجف له دمعة؟ قال: إذا قرح القلب، نديت العينان.
قال الأصمعي: نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل، فقال: يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك.
قال أحمد بن أبي الحواري: حدثنا أبو عبد الله الأنطاكي، قال: اجتمع الفضيل والثوري، فتذاكروا فرق سفيان، وبكي، ثم قال: أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة. فقال له الفضيل: لكني يا أبا عبد الله، أخاف أن لا يكون أضر علينا منه، ألست تخلصت إلى أحسن حديثك، وتلخصت أنا إلى أحسن حديثي، فتزينت لي، وتزينت لك؟ فبكى سفيان، وقال: أحييتني، أحياك الله.
وقال الفيض: قال لي الفضيل: لو قيل لك: يا مرائي، غضبت، وشق عليك، وعسى ما قيل لك حق، تزينت للدنيا، وتصنعت، وقصرت ثيابك، وحسنت سمتك، وكففت أذاك، حتى يقال: أبو فلان عابد، ما أحسن سمته، فيكرمونك، وينظرونك، ويقصدونك، ويهدون إليك، مثل الدرهم الستوق (١)، لا يعرفه كل أحد، فإذا قشر، قشر عن نحاس.
إبراهيم بن الأشعث: سمعت الفضيل يقول: بلغني أن العلماء - فيما مضى. كانوا إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا، وإذا شغلوا فقدوا، وإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا.
وعنه قال: كفى بالله محبا، وبالقرآن مؤنسا، وبالموت واعظا، وبخشية الله علما، وبالاغترار جهلا.