وقال في أوائل ديباجتها: فاعلموا معاشر طلاب اليقين - سلام عليكم، لا نبتغي الجاهلين - أن المختصر الذي سوّده الحبر الفاضل والبحر الكامل الشهير بابن كمال باشا - نعمه الله في روضة جنته - مما يعلمه، وما يشاء، وسمّاه بـ"الإصلاح والإيضاح" مع خروجه عن سنن الصلاح والفلاح، باشتماله على تصرّفات فاسدة، واعتراضات غير واردة، من السهو والزلل، والخبط والخلل، لإتيانه بما لا ينبغي، وتحرّزه عما ينبغي، مشتمل على كثير من المسائل المخالفة للشرع، بحيث لا يخفى بعد التنبيه للأصل والفرع، ولا ينبغي الاعتقاد بحقيقتها للمبتدي، ولا العمل بها للمنتهي، لوجود خلافها صريحا في الكتب المعتبرات، من المطوّلات والمختصرات، ومن شكّ فيما ذكر بعد النظر فيما سيذكر، أوشك أن يشكّ في ضوء المصباح ووجود الصباح عند طلوع الإصباح.
ثم كتب نسختين، ودفع إحداهما إلى الوزير محمد الصوفي، وكان ينتسب إليه، والثانية إلى الوزير الكبير رستم باشا، فلمّا أعطاه إياها طلب الوزير المزبور قراءتها، فلمّا وصل إلى تشنيعه على المولى المزبور تغيّر الوزير غايةَ التغيّر بسبب أنه كان قد قرأ على المولى المزبور، فأخذ منه الرسالة.
وقال لا بدّ من إرسالها إلى المفتي، وهو يومئذ المولى أبو السعود، فإن كنت صادقا في دعواك نعطيك ما تسأله، وإن كذبتَ فسنجزيك بإساءتك الأدب، فخرج المرحوم من عنده مغموما، ثم أمر الوزير المزبور لبعض العُلماء أن يصوّر له بعضا من تلك الصور بحيث يفهمه، وكان أول موضع منها قوله: قال الفاضل الشهير بابن كمال باشا، وكره سدل الثوب أنه تعريض لي، فعزم أن لا يوجّه إليه منصبا قطعا، ونسي ذلك المغرور "ألا إلى الله تصير الأمور"، فبقى المرحوم برهة من الزمان في مهامه الذلّ والهوان، واستولّى عليه القنوط