للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البربرى (١) في رسائل إلى "ما وراء النهر"، ونفذ معه مالا عظيما ليبنى له مدارس ومساجد وقناطر، ويصل أهلا له هناك، لأنه خرج من عندهم مملوكا فقيرا، فأراد أن يريهم ملكه ونعمته، وأنه ملك "الشام" بأسره.

فوصل البخارى إليهم، فحبسوه، وقالوا: جئتنا في رسائل الإسماعيلية، وبقى في حبسهم سنين، حتى أطلق بسبب ظريف، وذلك أن الخان كتب إلى السلطان ألب أرسلان يُعَنِّفه على نَهْب العساكر ببلاد "خراسان"، وعبثهم بها، فأجابه بالاعتذار والتبرّي من هذه الأفعال، وأنه ودّ أنه (٢) لو مات، ولم يكن ذاك (٣)، وعادة العساكر إذا طرقوا البلاد أن يفعلوا الأفاعيل، حتى تستقيم الأمور، ولكن ما عذركم في رجل فقيه أتاكم من بلاد بعيدة برسالة رجل منكم، قال لكم: إني حصَّلت الأموال، وأريد أن أصرفها فى الطاعات، وأن أعمِّر جوامعكم ومدارسكم، وأصَّدَّق على فقراء عرفتهم عندكم، فأخذتم المال، فحبستموه.

فلما وقف الخان على كتابه، وكان أبوه الذي حبسه أطلقه، وأحسن إليه، وأذن له في الخروج عن بلاده.

ومضى أبو جعفر البخارى إلى "مصر"، فأقام بها سنين كثيرة، ورجع إلى "العراق" بكتب نفيسة حسنة، ومن جملتها: كتاب "الأنساب" للبلاذُري


(١) في الأصل "أنوشتكين التبريزي"، وفي بعض النسخ: "أبو سكين الفربري"، والمثبت في بعض النسخ.
وقد ذكره ابن الأثير في حوادث سنة اثنتين وأربعمائة، وذكر أنه كان نائبا للمصريين في الشام الكامل ٩: ٢٣٠، وهو في النجوم الزاهرة ٤: ٢٥٢، المعروف بالدزبري. انظر حاشيته، وفيها ترجيح أن يكون الصواب التزبري.
(٢) في بعض النسخ: "وله ملك"، وفي الطبقات السنية: "وأن له ملك".
(٣) سقط من بعض النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>