للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتب محمد -سواء ما عدّ منها من كتب الحديث أو ما كان طابع الفقه عليها أغلب- يبلغ نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة أثر، وإن كان بعض هذه الآثار قد تكرر وروده في هذه الكتب. منها نحو ألف حديث -مرفوع- متصل السند وغير متصل، وأن ما رواه محمد من الأحاديث مردد في كتب الصحاح بلفظه أو بمثله أو بمعناه.

لكن الظاهرة البارزة في كل ما رواه محمد -ودوّنه- هي كثرة الشيوخ الذين روى عنهم، وأيضا كثرة الشيوخ الذين روى عنهم الإمامان أبو حنيفة ومالك. وقد روى عنهما محمد جلّ ما ورد في "الآثار" و"الموطأ" من الأحاديث، وهذا يدل على معرفة الإمام محمد الواسعة برواة السنة في القرنين: الأول والثاني، وأنه حدث عن عدد غفير من العلماء، كانوا في عصره، من حفاظ السنة ومدونيها (١).

أما الحديث فقد سمعه من أبي حنيفة، وأبي يوسف وغيرهما من مشايخ كثيرة، بـ"الكوفة"، و"البصرة"، و"المدينة"، و"مكة"، و"الشام و"بلاد العراق". بل جمع إلى علم أبي حنيفة وأبي يوسف علم الأوزاعى، والثورى، ومالك رضى الله عنهم. حتى أصبح إماما لا يبلغ شأوه في الفقه، قويا في التفسير والحديث، حجة في اللغة باتفاق أهل العلم، ممن لم يصب بتعصّب. وهو القائل: ورثت ثلاثين ألفا، فصرفت نصفها في اللغة والشعر، والنصف الآخر في الفقه والحديث، كما صحَّ ذلك عنه بطرق (٢).

روى الخطيب أبو بكر البغدادى رحمه الله تعالى في (تاريخ بغداد) ١١: ١٥٨ في ترجمة عيسى بن أبان أحد رجال الحديث والفقه الحنفي عن محمد بن سماعة أنه قال: كان عيسى بن أبان يصلّى معنا أى


(١) راجع: مقدمة كتاب الكسب للشيخ عبد الفتاح ص ٤٢.
(٢) راجع: فوائد في علوم الفقه ص ٢٦٠، ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>