الْجمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأقسرائي، ولازم الِاشْتِغَال، ورحل إلى "مصر" لأجل الِاشْتِغَال.
وأخذ عَن الشَّيْخ أكمل الدّين وَغَيره، ثمَّ رَجَعَ إلى "الرّوم"، فولي قَضَاء "بروسا"، وارتفع قدره عِنْد ابْن عُثْمَان جدا، وَحلّ عِنْده الْمحلّ الأعلى، وَصَارَ فِي معنى الْوَزير، واشتهر ذكره، وشاع فَضله، وَكَانَ حسن السمت، كثير الْفضل والإفضال.
وَلما دخل "الْقَاهِرَة" يُرِيد الْحَج اجْتمع بِهِ فضلاء الْعَصْر، وذاكروه، وباحثوه، وشهدوا لَهُ بالفضيلة، ثمَّ رَجَعَ، وَكَانَ قد أثرى إلى الْغَايَة، حَتَّى يُقَال: إن عِنْده من النَّقْد خَاصَّة بِمِائَة وَخمسين ألف دِينَار، وَحج سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين.
فَلَمَّا رَجَعَ طلبه الْمُؤَيد، فَدخل "الْقَاهِرَة"، وَاجْتمعَ بفضلائها ثمَّ رَجَعَ إلى "الْقُدس"، فزار، ثمَّ رَجَعَ إلى بِلَاده، ثمَّ حج سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ على طَرِيق "إنطاكية"، وَرجع، فَمَاتَ ببلاده فِي شهر رَجَب، وَكَانَ قد أصابه رمد، وأشرف على الْعَمى، بل يُقَال: إنه عمي.
ثمَّ رد الله تَعَالَى إليه بَصَره، فحج فِي هَذِه الْحجَّة الأخيرة، شكرا لله تَعَالَى على ذَلِك.
وأقام فِي عمله ثَلَاثِينَ سنة، وَله "تَفْسِير الْفَاتِحَة"، ورسالة أتى فِيهَا بمسائل من مائَة فن، وَأورد عَلَيْهَا إشكالات، وسماها "أنموذج الْعُلُوم"، قَالَ ابْن حجر: كتب لي بِخَطِّهِ بالإجازة، لما قدم "الْقَاهِرَة"، مَاتَ فِي رَجَب سنة أرْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانِمائَة.