الكلمات، ونماذج من ذلك تجدها في نقض عثمان بن سعيد الدارمي، فطالعها لتعرف اتجاهه واتجاه خصومه، وتصيب في الحكم.
وحكى الذهبي عن هارون بن يعقوب الهاشمي أنه سئل أحمد عن ابن الثلجي وأصحابه، قال: جهمية. قيل: أكان من أصحاب المريسي؟
قال: نعم، وأنت تعرف، أن الإمام الشافعى كان نزل في بيت المريسى بـ"بغداد" في رحلته الثانية، لكن زجّ نفسه في المحنة الممقوتة، فساء كلامهم فيه، وحكى الذهبي أيضًا عن المروزي: أتيته، ولمته، (يعنى ابن شجاع)، فقال: إنما أقول كلام لله، كما أقول: سماء الله، وأرض الله، فقمت، وما كلَّمناه، حتى مات، وكان المتوكل قد همَّ بتوليته القضاء، فقيل له: هو من أصحاب بشر، فقطع الكتاب الذى كان كتب له في ذلك، وأبو بكر المروزى راوي الحكاية من أجلّة أصحاب الإمام أحمد، إلا أنه زلَّت قدمه، وزعم أن المقام المحمود هو إقعاد محمد صلى الله عليه وسلم على العرش في جنب الله تعالي، مع استحالة ذلك عند أهل الحق، ومخالفته الصارخة للسنة المتواترة في تفسيره بالشفاعة العظمي، وهذا المروزي هو الذي يحدّث عن أبي إسحاق الهاشمي عن الزيادي: أشهدنا ابن الثلاج على وصيته، وكان فيها: ولا يعطى من ثلثي إلا من قال: القرآن مخلوق، كما في "تهذيب التهذيب"، ولعل ابن الثلاج هذا غير محمد بن شجاع الثلجي، فإن المستفيض عنه أنه كان من الواقفة، لا من القائلين بأنه مخلوق، على أن القول: بأنه مخلوق صحيح، إذا أريد به ما في المصاحف، والألسن، والأذهان، من الخطوط والأصوات والصور الذهنية، لا ما قام بالله في علم الله، ومما يقضي منه العجب تعود ابن عدي في كتابه أن يقول عند تحدّثه عن خصومه ممن لهم براعة في الحديث، (ولم يكن من أهل الصنعة وما كان يدري ما الحديث! وما كان من أهل الرِّواية) هكذا يكون تحكّم الجاهل المتعصّب، ليكشف عن دائه.