فيقول له: كيف حالك؟ فإن كان غنيا يقول له: تعلّم، وإن كان فقيرا يقول له: تعلّم ولا تهتمّ من جهة معاشك، أنا أتعهّد أمرك، وجميع عيالك على قدر كفايتهم، فكن فارغ البال، واجتهد في تحصيل العلم، فكان يفعل ذلك بجميع من يأتيه من الضعفاء والفقراء، ويعطيهم قدر ما وظّفه، حتى صار منهم جماعة كثيرة علماء ذوي فتون كثيرة، فأنفق جميع ماله في ذلك. وحكى أنه في أيام تحصيله قاسى من الطلبة وغيرهم شدائد، فنذر إن رزقه الله سبحانه علما ليقومن بنشره ابتغاء لمرضاة الله سبحانه، فلمَّا، تمّ له ذلك فعل كذلك، وقام به احتسابا له، فانتفع بتدريسه عوالم لا تحصي، رحمه الله، وأعاد علينا من بركاته. انتهى.
وكان رحمه الله من البوهرة المتوطِّنين بـ"كجرات"، الذين أسلم أسلافهم على يد الشيخ على الحيدري المدفون بـ "كنباية"، ومضى لإسلامهم نحو سبعمائة سنة، وعامتهم يكسبون المعاش بالتجارة وأنواع الحرف، كما يدلّ عليه اسم البوهرة، وهي مشتقّة من بيوهار -بكسر الموحّدة وسكون التحتية بعدها هاء مفتوح، والألف والراء المهملة- في لغة أهل "الهند" معناه التجارة، وهم في العقائد على مذهب الشيعة الإسماعيلية، وبعضهم سنّيون، أرشدهم إلى طريق أهل السنة جعفر بن أبي جعفر الكجراتي، وكان إسماعيليا، هداه الله سبحانه، فقام بنصر السنة، جزاه الله عنا وعن سائر المسلمين! والشيخ محمد بن طاهر نفعنا الله ببركاته كان من أهل السنّة والجماعة.
ونقل القنوجي في "إتحاف النبلاء" عن بعض العُلماء أنه كان صديقي النجار، واستدل عليه أن الشيخ عبد القادر بن أبي بكر المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف كان مفتيا بـ "مكة المشرّفة"، وكان من أحفاد الشيخ محمد بن طاهر صاحب الترجمة، وكان حامل راية العلم.