فاضطرب أهل"مرو" لذلك، فوردت الكتب من جهة بِلكابك (١) من "بلخ" بإخراجه من "مرو"، وكان قد برع في مذهب أبي حنيفة، رضى الله عنه.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله في "الفوائد"(ص ١٧٣): أرخ الذهبي في الطبقة الرابعة والعشرين من "سير النبلاء" وفاته سنة خمسين وأربعمائة، وهو والد لجدّ أبي سعد عبد الكريم بن محمد ابن منصور بن محمد بن عبد الجبَّار السمعاني، صاحب "كتاب الأنساب"، الذى تنقل عنه في كتابنا هذا كثيرا، وكان محمد بن عبد الجبّار هذا من رؤساء الحنفية، وولده منصور بن محمد بن عبد الجبَّار كان أولا حنفيا، ثم تحوَّل شافعيا، فصار أولاده وأحفاده كلهم شافعية، وقد ترجم الذهبي في الطبقة الخامسة والعشرين من "سير النبلاء" منصور بن محمد، فقال: الإمام العلامة مفتي "خراسان" شيخ الشافعية أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد التميمي السمعاني المروزي الحنفي، ثم الشافعي، قال عبد الغافر الفارسي في "تاريخه": هو وحيد عصره في وقته فضلا وطريقة وزهدا، تفقَّه على أبيه، وصار من فحول المناظرين، وأخذ يطالع كتب الحديث، وحجّ، ورجع، وترك طريقته، التي ناظر عليها ثلاثين سنة، تحوّل شافعيا، وأظهر ذلك سنة ثمان وستين وأربعمائة، فاضطرب أهل "مرو"، وتشوّش العلماء، حتى وردت الكتب من أمير "بلخ" في شأنه، والتشديد عليه، فخرج من "مرو"، ورافقه طائفة من الأصحاب، فصار إلى "طوس"، وقد "نيسابور"، فاستقبله الأصحاب استقبالا عظيما أيام نظام الملك، وأكرموه، ونزل في
(١) في بعض النسخ: "بلكابل"، ولعل ما في الأصل كذلك، مع إبدال الباء الأولى ميما، وفي بعض النسخ: "بلكامك"، والمثبت في الكامل ١٠: ٣٠١.