وَكَانَ رَحمَه الله ينظم الأبيات بعدة السّنة ولغات، فَمن نتائج طبعه الشريف بِلِسَان عَرَبِىّ لطيف، هَذَا الْكَلَام الَّذِي سلب الماء رقته، وغصب النَّحْل ريقته.
أرج الصِّبَا من جَانب العلياء … فغدا الْمعَاهد طيب الأرجاء
قد جاد بِالْعرْفِ الْجَمِيل على الورى … فتبادر الأرواح فِي الأحياء
فَكَأَن سلمى أرسلت من مُرْسل … وعقيصة من عنبر سَوْدَاء
أوْ حلت الأزرار من ديباجها … من حلَّة مسكية فيحاء
أوْ أشفقت ريح على أهل الجوى … تهدى إليهم عرفهَا لشفاء
في دَارهم لا دار شَرّ حولهَا … للعاشقين دَوَاء أَي دَوَاء
لَكِن من يهوى يَمُوت بحسرة … وبمحنة وبدمعة حَمْرَاء
هَل من سفير مُعرب فمعبر … عَن حَالَة الشَّخْص الضَّعِيف النائي
فمخبر بِلِسَان صدق نَاطِق … بصبابتي وبخلتي وولائي
وَبَان لي أرقا طَويلا منذما … سامرتها فِي لَيْلَة قَمْرَاء
أيْنَ السرى أهل الْهوى نَحْو الحْمي … فِي رمفقة من رفْقَة الْفُقَرَاء
إذ أسرعت معي القلوص بسيرها … مندوحة عَن مَوضِع وحداء
هبت هويا لَا يشق غبارها … وتلقت الأرياح بِالْبَيْدَاءِ
إذ مَا قَضَت عَن دلجة وطرا لَهَا … وأنختها بالخطة الخضراء
لما نجحت بستر بَاب جِئْته … حييتها بسكينة وحياء
من خيفة ردَّتْ بِجَانِب حَاجِب … فِي خُفْيَة عَن أعين الرقباء
أَلْقَت حَدِيثا جَوف ليل خافيا … عَنْهُم إلي بأجمل الإلقاء
يَا حبذا عمر الْفَتى فِي نيله … مَا قد رجا زَمنا بِحسن رَجَاء
لكنه آن لطيف زائل … متسارع فِي نقلة وفناءئ
كعمود دولاب يمر وينقضي … مر السَّحَاب وَشبه جري الماء
هَيْهَات هَيْهَات النجاح بِمرَّة … غير الَّتِي مرت من الإناء