فَوقْ الْجبَال الراسيات طرائفي … وَمَعَ الأسود الضاريات مرائي
وبذ الزَّمَان بدا الأمور كَمَا ترى … بِالْعَكْسِ فِي الكرماء واللؤماء
وَالنَّاس قد نبذوا وَرَاء ظهروهم … غر الْوُجُوه وزمرة السُّعَدَاء
الأخرقون بقبة من عزة … وأولو النهى مبنوذة بعراء
أضحى اللبيب غيامه كظلامه … لَا يستبين وصبحه كمساء
وشؤونه شَتَّى بِربع دارس … فِي صيفه وربيعه وشتاء
ورمان بالكرة الزَّمَان ورميه … لَا فِيهِ زيغ رمية بِسَوَاء
وَبقيت فِي هَذَا الحضيض وشيمتي … فِي أوجها تعلو على الجوزاء
بمناط حد من مَكَارِم جمة … أورثتها عَن سادة الإساء
متسممون بعهدهم قنن الْعلَا … متوسمون بحلية الحنفاء
غُصْن كريم زَاد طُوبَى عرقه … من عرقه وأصوله الكرماء
يلقى النُّفُوس معطرا أنفاسها … ومروحا للروح والسوداء
لَا فِي اعْتِبَار للزمان وأهله … إلا كَمثل البقلة الحمقاء
فالآن فِي هَذَا الضئيل تحمل … مَا لا يُطيق لعدله أكفائي
خطبي عَظِيم صَاحِبي وقيتما … من كربَة فِي غربَة صماء
لَا يرتجى تَفْصِيله من قارض … أوْ كَاتب بالشعر والإنشاء
مَا كَانَ لي مَعَ سوء حَالي هَذِه … بَين الورى سمح من الرُّحَمَاء
لما رَأَوْا مني تحمل شدَّة … تبدو أبوا عني أشدّ إباء
فتقطع الأسباب فِي نيل المنى … عَن دابر إلا خَفِي نِدَاء
فدعاء فِي أزنيق طَابَ سكينه … بمشاهد النجباء وَالشُّهَدَاء
مستجمعا لشروطه بحيالها … مستشفعا عَن إكرام الشفعاء
جلى تحيات عَلَيْهِ جَمِيعهَا … حَتَّى الْقِيَامَة عدَّة الأشياء
متضرعا لله جلّ صِفَاته … وعلت لَهُ الحْسنى من الأسماء
رَبِّي خَزَائِن كل شَيْء عِنْده … آلاؤه جلن عَن الإحصاء