ثمَّ سَافرْ إلي "الرّوم" من الْبَحْر، فجَاء إلى "بروسه"، وأحبه أهلها جدا، فأقام هُنَاكَ، واشتغل بالوعظ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات، ثمَّ ذهب إلى مَدِينَة "قسطنطينية"، فأحبه أهلها أيضا، وَسمع السُّلْطَان بايزيد خان وعظه، فَمَال إليه كل الْميل.
وَكَانَ يُرْسل إليه الجوائز دَائِما، وَألف لَهُ كتابا مُسَمّى بـ "تهذيب الشَّمَائِل" فِي سيرة نَبينَا، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، وكتابا آخر فِي التصوف، ولاقاه، ودعا لَهُ، ثمَّ خرج السُّلْطَان إلى الْغَزْو، وَهُوَ مَعَه، فَفتح مَعَه قلعة مشون، وَكَانَ ثَانِي الداخلين إليها، أوْ ثالثهم.
ثمَّ رَجَعَ إلى "قسطنطينية"، وَبَقِي هُنَاكَ يأمر بِالْمَعْرُوفِ، وَينْهى عَن الْمُنكر، بِحَيْثُ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم، ويتعرض للملاحدة والصوفية فِي رقصهم، ثمَّ رَجَعَ مَعَ أهله إلى "حلب" المحروسة، فأكرمه ملك الأمراء خير بك جدا.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَالْتزم جَمِيع حَوَائِجه، وَهُوَ مَعَ ذَلِك لم يَأْكُل مِنْهُ شيئا، فَمَكثَ ثَمَان سِنِين مشتغلا بالتفسير والْحَدِيث، وَالرَّدّ على الْمَلَاحِدَة وَالرَّوَافِض، سِيّمَا على طاغية أردبيك، وَكَانَت تِلْكَ الطَّائِفَة يبغضونه بِحَيْثُ يلعنونه مَعَ الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فِي المجامع.
ثمَّ عَاد إلى "الرّوم"، ثمَّ زمن السُّلْطَان سليم خَان، وحرضه على الْجِهَاد إلى قرلباش، وَألف لَهُ كتابا فِي أَحْوَال الْغَزْو، وفضائله، وَهُوَ كتاب نَفِيس جدا، فَذهب مَعَه إلى حَرْب تِلْكَ الطَّائِفَة.