لولا بشير البشر بشرّنا لما … زار العيون وحقك الإغفاء
قد غم كل منافق ومداهن … وسرت إلى سرّائه الضراء
وتفطرت أكباد حسَّد نعمة … وتقطعت فزعًا لهم أمعاء
وتسربلوا بالخزي في دَرَك الشقا … ما تم فوق شقا الحسود شقاء
تجري الدما منهم على وجناتهم … فلذاك عين وجودهم عمياء
فطعامهم بعد النفائس أنفس … وشرابهم بعد الزُّلال دماء
ووجوههم مصفرّة مما بهم … وكذا تنفُّسهم هو الصعداء
ما بالهم يبغون سوأ للذي … بالجود منه تذهب الأسواء
ما بالهم يبغون غمًا للذي … بندى يديه تُخصَّب الأرجاء
يكفي الحسود بأن سحنة وجهه … بين الخلائق غمة سوداء
هل يستوي صبح وليل أليل … والدرّ ليس كمثله الحصباء
يا أكمل الرؤساء لا مستثنيًا … أحدًا إذا ما عدّت الرؤساء
يكفيك يا عين الأماجد والعلا … حمد ومدح رفعة وعلاء
قد أجمع العقلاء إنك أوحد … وسواك ياروح العلا غوغاء
لا رأى يلفي مثل رأيك صحة … منه استضاءت في الورى آراء
ما كل من ولي المناصب ماجد … كلا ولا كل الشموس ذكاء
ضاقت صدور بني المراتب بالذي … قد أودعوه وصدرك الدهناء
أنت الصباح لنا وغيرك عندنا … ليل وغرّة وجهك اللألاء
ولأنت في سعد السعود لدى المدى … والضدّ في وادي العنا عوّاء
غلبت طباعك كل طبع مائل … وتباعدت عن عرضك الأسواء
في الله لم تأخذك لومة لائم … كلا ولا مالت بك الأهواء
لك نعمة عند الورى خضراء … ويد لعفة كفها بيضاء
سدت الأنام بها بغير مشارك … والناس فيما دونها شركاء
بل سدتهم من كل وجه لا كمن … قد سوّدته بيننا الصفراء